بمناسبة زيارة قداسة البابا تواضروس الثاني لإيبارشيّة ميلانو
القمص يوحنا نصيف
(مقتطفات من مقال جميل، لنيافة المتنيّح الأنبا كيرلس مطران ميلانو السابق)
+ أيتها القيامة.. مَن يتحدّث معكِ يتحدّث مع المسيح.. لأنّك أنتِ هي المسيح.. والمسيح هو أنت.. هو القائل عن نفسه "أنا هو القيامة والحياة، ومَن آمَن بي ولو مات فسيحيا" (يو25:11).
+ لست أدري كيف كان من الممكن أن تعيش البشرية بدون السيد المسيح؟! وكيف تحيا بدون القيامة؟!
+ القيامة ليست هي قيامة الأموات فقط.. بل هي أيضا قيامة الأحياء.. لأنّه يوجَد في كلّ زمانٍ مَن له اسم أنّه حيّ وهو ميت..!
+ الضال.. والمنحرف، والمتكبِّر، والمتعالي، وزارع الخصومات، والبخيل، والطمّاع، والأناني، والمُتّكِل على غِناه وعلى علمِه وقوّته.. كلّ هؤلاء من قائمة الأحياء.. والقيامة تريد أن تعمل فيهم..
+ أيّتها القيامة أنتِ التي عملتِ في الابن الضال.. أنتِ التي جعلتيه يقول "أقوم وأذهب إلى أبي" (لو18:15).
+ الابن عاد إلى حضن أبيه.. والآب رأى بهجة القيامة على قلب ابنه، فقال: "ابني كان ضالاً فوُجِد.. وكان ميتًا فعاش".
+ أيتها القيامة.. نشكركِ لأنّك علّمتينا وعرّفتينا أين هو مسكنك؟! مسكنك أيّتها القيامة هو في المسيح، ومنذ الأزل.. وكما أنتِ في السماء، كذلك أنت تعملين على الأرض في كلّ لحظة..!
+ مَن الذي كشف لنا عن البنوّة التى تربطنا بأبينا السماوي سواكِ أنتِ أيّتها القيامة؟! مَن الذي كان ملتصقًا بالمسيح عندما كان يجول يصنع خيرًا.. ألستِ أنتِ أيّتها القيامة؟! مَن الذي أقام زَكَّا من محبة المال؟! وأقام المرأة التي ضُبِطَتْ في ذات الفعل؟!.. وأقام المرأة السامرية من خطاياها؟! ومن الذي فتح أبواب مدينة السامرة.. ألستِ أنتِ أيّتها القيامة المجيدة؟!
+ كيف تستنير العقول؟! كيف تتهذّب الأذهان؟! أمرٌ لا يحدُث إلاّ بتعاليم القيامة..؟!
+ مَن الذي يجعلنا نرفع أنظارنا إلى ما هو أنقى وأرقى، سواكِ أنتِ أيّتها القيامة المجيدة؟!
+ أنتِ التي أتيتِ إلينا مع المسيح.. أنت التي علّمتينا ماذا نكنز؟! وأنتِ التي عرّفتينا أين نضع كنوزنا؟! أنتِ التي أرشدتينا لكي لا نسعَى ولا نتعَب في اقتناء الكنوز التي لا نقدر أن نأخذها عندما نُفارق الحياة؟!
+ طوبى لكلّ أولادك أيّتها القيامة.. ﻷنّك تحميهم وتنجّيهم من كلّ المخاطر.. أنتِ تثقبين لهم الشباك المطروحة عليهم.. وتمزّقين كلّ مصائد المقاومين لهم..
+ الذي يَعرفُكِ أيّتها القيامة يلتصقُ بكِ.. ولا يقدر أن يحيا بدونكِ..
+ الخاطئ الذي مات بالخطيّة.. وبها انحدر إلى هاوية اليأس.. إنْ هَمَسَ في فِكر قلبِه للنجاة، لا يقدر أن ينتشله أحدٌ سوى أذرعكِ أنتِ أيّتها القيامة..
+ وفي قيامة الخاطئ مِن سقطتِهِ، أنتِ تلقّنيه الدرس فيقول معكِ: "لا تشمَتي بي يا عدوّتي. إنْ سقطتُ سأقوم.. وإن مشيتُ في الظلمة فالربُّ نورٌ لي"..
+ أصحاب الرُّكَب المُخَلَّعَة يتعلّقون على أذرعك.. ويسيرون في ضيائك.. لأنّكِ تُشَدِّدين لهم ركبَهم، وتمنحيهم نعمة بها يدركون مِن أين سقطوا، وبكِ يقومون..
+ أنتِ القيامة التي في السماء.. والتي جاءت على الأرض، لتُنقِذ سكّان الأرض من الموت الثاني..
+ أيّتها القيامة.. تعالي واهمسي في أُذُن البشريّة.. وقولي لها لماذا أتيتِ إلينا على الأرض؟!
+ هل أتيتِ لكي لا نموت ونحن على الأرض؟! وكيف لا نموت ونحن أتينا من التراب وإلى التراب نعود؟!
+ افتحي فاكِ أيّتها القيامة.. وأسمِعِينا صوتَكِ وقولي لنا.. لماذا أتيتِ على الأرض؟! أنتِ أتيتِ لكي لا يؤذينا الموت الثاني.. وكيف لا يؤذينا الموت الثاني؟!
+ هو لا يؤذينا إذا غلبنا شهوات العالم، ومحبّة المجد الباطل..
+ أنتِ أتيتِ أيّتها القيامة لكي تنقِّي أعمالنا.. وتُهَدِّئي سلوكنا قبل الموت الأول.. وهناك في الأبديّة أنتِ تلتقي بنا، فلا يؤذينا الموت الثاني..
+ عجيبة أنتِ أيّتها القيامة.. ﻷنّك بذراعك تغلبين.. وبيديك تمسحين كلّ دمعة من عيون أولادك المظلومين.. ومن الأعماق تصعدين إلى النور كلّ الساكنين في الظلمة.. وﻷتباعك تكسرين المتاريس الحديديّة.. ومن ذلك السبي تُصعِديهم..
+ أيّتها القيامة.. تعالي اسكني في قلوبنا.. اجعلي قلوبنا تسكن فيك.. قومي أيّتها القيامة.. ومِدِّي أذرُعَك وأيقظينا من النوم.. قولي لنا مَرّة أُخرى ما قلتيه على فم إشعياء.. استيقظي.. استيقظي اِلبسي عِزّك يا صهيون..
+ قومي أيّتها القيامة.. وألبسينا مِن عِزّك.. ألبسينا من ثياب جمالك.. تعالي أيّتها القيامة.. وأنفضِينا مِن التُراب.. مِدّي يدكِ وحِلّينا من رباط العنق..
+ أيّتها القيامة المجيدة.. اِقبَلي طلبة قلوبنا وهي تقول لكِ: أطلقينا معكِ.. وامنحينا أن نَعمَل بكِ في كلّ أيّام حياتنا..