الأب رفيق جريش
فى الوقت الذى تحتفل فيه إسرائيل بمرور 75 سنة على إعلان دولة إسرائيل، وفى الوقت الذى ينتفض فيه الشعب الفلسطينى لذكرى النكبة، وبينما الصواريخ تنهمر من وعلى قطاع غزة بحثًا عن مخرج للتحرر، احتفلنا يوم 11 مايو الماضى بمرور عام علی استشهاد الصحفية ابنة أرض فلسطين شيرين أبوعاقلة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلى، الذى لم يعترف بفعلته إلى الآن.
أثناء تأدية واجبها بتغطية انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلى خلال الهجوم علی مخيم جنين، هذه التغطية التى اعتادت الشهيدة شيرين أن تبثها للعالم أجمع من خلال قناة «الجزيرة» الفضائية.
ومع تصاعد عنف الاحتلال الإسرائيلى، لم يكن هذا الحدث هو الأوحد التى تبثه شيرين، فمنذ سنوات طوال طلت علينا من خلال الشاشة لتنقل لنا كل أنواع الظلم والعدوان على الأشخاص والممتلكات فى القدس والأراضى المحتلة.. كانت تدرك بشكل خاص محنة السجناء السياسيين الفلسطينيين وآلام عائلاتهم.. وعندما أطلق سراح السجناء، كانت هناك أيضا، ليس فقط لشرح معاناتهم خلف القضبان، ولكن لتسليط الضوء على نيلهم حريتهم وجمع شملهم مع أحبائهم.
كما تحدثت إلى أمهات انتظرن عقودًا حتى أطلق سراح أبنائهن، وأيضًا معاناة الأطفال الفلسطينيين، فتطولهم أيضا رصاصات الاحتلال، واقتحام المتطرفين اليهود لساحة المسجد الأقصى وقبة الصخرة ومعها كنيسة القيامة، بخلاف نشاط المنظمات الصهيونية فى تهويد القدس بخطى سريعة، وهدم المنازل.. وإلى آخره مما نعرفه ونشاهده منذ ٧٥ سنة. كانت شيرين حاضرة فى كل خطوة لتسليط الضوء على الجرائم المرتكبة. فقد عملت شيرين على نقل الصوت الفلسطينى للعالم.
أحداث توثقت فى الذاكرة، وتاريخ محفور فى القلوب، فنحن لا نحتفل ببطولة السيدة شيرين أبوعاقلة، ولكن نحتفل بكل الشهداء وضحايا الاحتلال الإسرائيلى، ونشهد للصمت العالمى تجاه هذه المأساة الإنسانية قبل أن تكون مأساة سياسية وتاريخية أو جغرافية. وهكذا، المحتلون فى كل زمان ومكان شأنهم شأن المستبدين والطغاة والبغاة، يكرهون جميعًا الصحافة والإعلام بالعموم.
لأنها تفضح ممارساتهم المشينة إنسانيًا، وتكشف حقيقتهم مهما حاولوا التجمل، إذ هو جيش لدولة أسستها عصابة صهيونية كبيرة ارتكبت الكثير من المجازر بحق الفلسطينيين العُزّل، وأعملت فيهم القتل والتهجير والتشريد، رجالًا ونساءً وأطفالًا، واغتصبت أراضيهم وبيوتهم، ومازالت حتى يومنا هذا على النهج نفسه.
هؤلاء الذين يقفون دقيقتين ويمتنعون عن أى عمل لذكرى ضحاياهم على يد النازى فى الحرب العالمية الثانية، ها هم ينتقمون لما جرى لهم فى الشعب الفلسطينى.. ولكن مئات بل آلاف مثل شيرين سيظلون علامة مضيئة فى وسط الظلام، إلى أن يأتى يوم الحرية.
نقلا عن المصرى اليوم