يمكن رصد علامات الصراع المتنامي بين الولايات المتحدة والصين في العديد من الأماكن والمجالات، بدءاً من بالونات التجسس إلى مقاطع الفيديو على تيك توك، لكن لا يوجد مكان أكثر وضوحاً لتجلي هذا الصراع مثل الحرب على رقاقات السيليكون المجهرية، والمعروفة باسم أشباه الموصلات.

فأشباه الموصلات، أو الرقائق الدقيقة، هي قطع صغيرة من التكنولوجيا تعمل على تشغيل كل شيء من الموجات الدقيقة إلى الأسلحة العسكرية.

وتبلغ قيمة هذه الصناعة أكثر من 580 مليار دولار، لكن حتى هذا الرقم يتناقض مع أهميتها بالنسبة للاقتصاد العالمي.

فوجود هذه الرقائق يدعم البضائع والعمليات بما قيمته عدة تريليونات من الدولارات، وبدونها يتوقف الاقتصاد العالمي

الصراع على تايوان
لذلك تعتبر مصدر قلق للكثيرين حيث إن أكثر من 90٪ من أشباه الموصلات في العالم مصنوعة في المكان الذي يعتقد العديد من المسؤولين الأميركيين أنه يمكن أن يكون موقع الصراع العالمي التالي وهو تايوان، بحسب ما أفادت صحيفة "غارديان" البريطانية اليوم الاثنين.

وإذا قامت الصين بضم تايوان، وهو الأمر الذي يعتقد المسؤولون الأميركيون أنه يمكن أن يحصل في العقد المقبل، فستجد واشنطن مثل بقية العالم إمدادها من أشباه الموصلات معطلاً بشكل كبير.

فيما تسعى بكين لتعزيز قدرتها المتقدمة على أشباه الموصلات لتكون أكثر مرونة اقتصادياً في حالة حدوث غزو، ولكن أيضاً كوسيلة لتطوير جيشها لتكون مستعدة لمثل هذا الصراع.

مع ذلك، تستخدم الولايات المتحدة أدوات التجارة الدولية لتقويض هذه الجهود.

نمو الصناعة في الصين
وتحولت صناعة أشباه الموصلات في الصين من حوالي 1300 شركة مسجلة في عام 2011 إلى 22800 شركة بحلول عام 2020، لكن النمو تركز في الشركات المصنعة التي تنتج رقائق أكبر وأقل تقدماً من الناحية التكنولوجية.

فأحدث الرقائق هي خمسة نانومتر أو أصغر؛ وتهيمن الرقائق التي يبلغ حجمها 24 نانومتراً أو أكثر على صناعة الصين.

وفي العام الماضي، أفادت التقارير أن الشركة الصينية الدولية لتصنيع أشباه الموصلات (SMIC) ، أكبر صانع للرقائق في البلاد، قد أنتجت شريحة 7 نانومتر، والتي من شأنها أن تمثل قفزة جيلين من حيث التقدم التكنولوجي.

لكن المحللين يشكون في أن SMIC ستكون قادرة على إنتاج هذه الرقائق على نطاق واسع وتشير التقديرات إلى أن الصين بعيدة كل البعد عن هدفها المتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 70٪ في أشباه الموصلات بحلول عام 2025.

نقاط ضعف الصين
في المقابل، تريد الولايات المتحدة منع حدوث ذلك، ففي العام الماضي، فرضت إدارة بايدن مجموعة واسعة من القيود، بما في ذلك إجراء لقطع الصين عن الرقائق المصنوعة باستخدام التكنولوجيا الأميركية في أي مكان في العالم.

كما اكدت هولندا في مارس/آذار الماضي، أنها انضمت إلى اتفاقية مع الولايات المتحدة واليابان لتقييد تصدير تكنولوجيا تصنيع الرقائق المتقدمة.

ويبدو أن استراتيجية للعمل في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، خفضت واردات الصين من الرقائق بنسبة 23٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

فيما يُعتقد أن بكين تعد حزمة دعم بقيمة 1 تريليون يوان (146 مليار دولار) لصناعة أشباه الموصلات، والتي ستتضمن إعفاءات ضريبية أو إعانات.