تمكن عالم الفيزياء المصري الدكتور محمود جعفر، بمشاركة فريق علمي بألمانيا، من تطوير شريحة ضوئية تحتوي على جيل جديد من أجهزة الليزر المتطورة، القادرة على اكتشاف الكواكب الخارجية البعيدة.

 
هذا الابتكار تم بمشاركة جعفر مع باحثين في مركز مُسرع الإلكترونات الألماني DESY. ونشرت مجلة OPTICA الأميركية العلمية الشهيرة نتائج البحث.
 
ووفقا للبحث، فإن الليزر الجديد سيستخدم على نطاق واسع بدءًا من قياس بصمات جزيئات معينة وقياس الترددات الضوئية المجهولة وحتى اكتشاف الكواكب الخارجية البعيدة.
 
تفاصيل الابتكار
الدكتور محمود جعفر، الذي يعمل حاليا أستاذا مشاركا لفيزياء الضوء بألمانيا، خص موقع "سكاي نيوز عربيه" بالحديث عن تفاصيل ابتكاره الجديد، قائلا:
 
قياس الوقت أصبح جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، وينصب اهتمام العالم كله حاليا على البحث عن وسائل قياس أدق وأسرع وأقل تكلفة وأصغر حجما.
عادة ما تكون الدقة التي تصل لدقيقة أو بضع ثوان جيدة بما يكفي لمعظم الأنشطة البشرية، ولكن يلعب التوقيت الدقيق للغاية دورًا حيويًا في العديد من الجوانب الأخرى للعالم الحديث.
 
كلما كان الخطأ في قياس الوقت أصغر، كلما كان الخطأ في تقدير المسافة أصغر، فعلى سبيل المثال، خطأ توقيت نانوثانية واحدة (أو 1 مليار جزء من الثانية) يترجم إلى خطأ موضعي ذات مسافة تقارب 30 سم. تعتبر هذه مسافة كبيرة جدا بالنسبة لتطبيقات حديثة تتطلب دقه زمنية تصل إلى الأتوثانية (أصغر مليار مرة من النانوثانية).
 
لذلك تبث الأقمار الاصطناعية لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) إشارات التوقيت من الساعات الذرية الموجودة على متنها، والتي تمكن المركبات والسفن والطائرات من معرفة مواقعها بدقه تصل إلى أمتار قليلة. لكن للأسف الساعات الذرية كبيرة الحجم وذات تكلفة عالية ولا يمتلكها غير معامل القياسات الكبرى.
 
 علي الجانب الآخر، فالساعات الضوئية أقل تكلفة وأقل تعقيدا من الساعات الذرية، كما أن سرعة اهتزاز الساعات الضوئية أكثر بـ50 ألف مرة من الساعات الذرية القياسية، بالتالي تقسم الوقت إلى وحدات أصغر وتكون أكثر دقة من الساعات الذرية. ولكن في الواقع لا يوجد نظام إلكتروني يمكنه حساب هذه التذبذبات السريعة بشكل مباشر.
وهنا يأتي دور وأهمية ما يسمى بمصادر الليزر النبضي أو مسطرة التردد (optical frequency comb)، التي تقوم بتقسيم اهتزازات الساعات الضوئية إلى ترددات منخفضة يمكن عدها بدقة عالية باستخدام الأجهزة الإلكترونية المتاحة حاليا. هذه المصادر هي أجهزة عالية الدقة كانت جزءًا من جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2005، حيث مكّنت هذه الأجهزة القياسات الأكثر دقة على الإطلاق في العالم.
علي الرغم من التطبيقات الهائلة لمصادر الليزر النبضية التقليدية، فهي كبيره الحجم ولا يمكنها دعم العديد من التطورات التكنولوجية الحديثة المبنية على شرائح السيليكون.
 
يشرح محمود جعفر أهمية الليزر الذي ابتكره مع فريقه، قائلا:
هنا يأتي دور ما توصلنا إليه مع زملائي في مركز مُسرع الإلكترونات الألماني DESY، بتطوير جيل حديث من هذه الأجهزة تسمى "Fabry-Perot microcomb" يبلغ حجمها 100 مرة أصغر من سمك شعره الرأس.
فبخلاف مصادر الليزر التقليدية، فإن هذا الجيل الجديد يتميز بالحد من استهلاك الطاقة بشكل جذري في أنظمة الاتصالات الضوئية، بالإضافة إلى أن معدل تردده سريع جدا يصل إلى التيراهيرتز (ألف مليار نبضة في الثانية الواحدة).
هذا الابتكار يفتح المجال لتطبيقات جديدة خاصة في الاتصالات الضوئية اللاسلكية وسيستوعب التزايد المستمر لطلب المستهلكين على الاتصالات الرقمية ذات معدل البيانات المرتفع.
شدد جعفر على أنه وزملاءه هم "أول من طور هذا النوع من الميكرو ليزر النبضي بطريقة تتغلب على العديد من القيود المعروفة في هذا المجال سابقا وبخصائص مميزة".
 
وختم بأنه من "الممكن استخدام هذه الأجهزة الجديدة التي ابتكروها في تطبيقات أخرى مثل معايرة أجهزة الطيف المستخدمة في المراصد الفلكية والتحليل الطيفي عالي الدقة والاتصالات الضوئية".
 
من هو محمود جعفر؟
محمود جعفر تخرج من كلية العلوم في جامعة المنوفية عام 2008 بتقدير امتياز.
حصل على الماجستير في الفيزياء من المعهد المتحد للأبحاث النووية في موسكو عام 2012.
لاحقا، نال درجة الدكتوراه في فيزياء الليزر من جامعة ماربورغ بألمانيا وكان عمره حينها 28 عاما فقط.
ثم عمل كباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة هامبورغ للتكنولوجيا بألمانيا.
يعمل جعفر (36 عاما) حاليا باحثا بمركز مُسرع الإلكترونات الألماني DESY ضمن مشروع تابع للاتحاد الأوروبي.