حمدي رزق
مشكور مجلس أمناء الحوار الوطنى على تولية العلّامة الدكتور أحمد جلال، «مقرر» المحور الاقتصادى. الدكتور جلال يؤتمن، مِن المؤتمنين على الأمانة، فضلًا عن خبرته العميقة بالاقتصاد الوطنى، جد اختيار صادف أهله.
عندما يتحدث الدكتور جلال يستوجب الإنصات لعقلية مرتبة، لا تفرط فى التفاؤل ولا تثير تشاؤمًا، واقعية الطرح جديرة بالثقة، وحديثه إلى «لميس الحديدى» فى برنامجها «كلمة أخيرة» على «ON E» نموذج ومثال للواقعية الاقتصادية التى لا تغادر مربع التفاؤل.
الدكتور جلال يقول: «الأزمة الاقتصادية الراهنة؛ تعد أزمة قصيرة المدى، ويمكن الخروج من الحوار الوطنى بتصورات ورؤى اقتصادية جديدة أكثر جدوى، على غرار ما تم طرحه فى المؤتمر الاقتصادى».
لم يَسُدها الدكتور جلال فى وجوه الطيبين كما يفعل بعض خبراء الغبرة الذين ينشرون فيروس اليأس فى النفوس. خلاصة قوله نعم هناك أزمة ولكنها قصيرة المدى، مع بُشرى بإمكانية الخروج منها، ويوجه دعوة مخلصة لكل صاحب رؤية للإسهام فى تفكيك الأزمة بأفكار وتصورات اقتصادية جديدة.
أستاذنا لا يحبذ فكرة التقاعس، والتولى يوم الزحف، واذهب أنت وحكومتك.. نحن هاهنا قاعدون على قلبها لطالون!!.
لا يغمط العلامة الجهد المبذول والإنجاز المتحقق من قبل الحكومة حتى لو لم يحقق كل المطلوب، «هما بيشتغلوا» على طريقة ما لا يدرك كله فلا يترك جُله، ومستوجب دعم الحكومة بأفكار وبدائل ورؤى.. لا تترك وحدها هكذا تواجه الموج العاصف دون مجاديف (أفكار).
حصيف فى تجسيد مهمة الخبراء والمختصين فى سياق الحوار الوطنى، حتى يكون مثمرا ومنتجا، جلد الحكومة على ظهرها لن ينتج سوى مزيد من الآلام الاقتصادية، «هناك بدائل، وكثيرة، وعلى كل المستويات.. لكن دورنا فى الحوار الوطنى ليس تقييم الحكومة، ما يهمنا هو النهوض بالاقتصاد فى المستقبل».
استبطان مهمة الحوار الوطنى، فى مناحيه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مهم لإحداث الأثر الإيجابى المطلوب، ليس مهمة المتحاورين صلب الحكومة على بوابة الوطن، وكَيل الاتهامات.. الهدف النهائى أعز وأكرم: النهوض بالاقتصاد مستقبلا.
خلاصته، النظر تحت الأقدام، والبكاء على اللبن المسكوب، لن يفيد.. النظر إلى الأمام، إلى المستقبل، إلى فجر يلوح عنده الحوار الوطنى ليست متاحة ولا بكائية على حائط الوطن، ولكنها حالة حوار يغشاها التفاؤل.. تفاءلوا بالخير تجدوه.
عمق رؤية الدكتور جلال فى الربط العضوى بين الإصلاح السياسى والإصلاح الاقتصادى، يقول كبيرنا المقدر: «الإصلاح السياسى الوسيلة الأفضل للإصلاح الاقتصادى، العلاقة تبادلية لتأثير كل على الآخر».
وكأنه يلفت الحادبين على نجاح الحوار إلى أن الإصلاح السياسى قاعدة ينبنى عليها الإصلاح فى مناحيه الاقتصادية والاجتماعية، فالخبراء الاقتصاديون- كما يقرر الدكتور جلال- يعرضون أفكارهم، وفى النهاية «هناك قرار سياسى».
ويصك قاعدة أساسية: «إذا أردنا أن يكون القرار الاقتصادى أكثر رشدًا؛ فلا بد أن يكون هناك رأى ورأى آخر، وتمثيل للقوى المعارضة فى المجتمع، ومنظومة تسمح بالتنوع السياسى».
ويقرر بنزاهة عُرفت عنه: «الحوار الوطنى يحظى بمساحة واسعة من التنوع»، مشيرا إلى «عدم اقتصار الحوار الوطنى على مناقشة عجز الموازنة، وضغط الدولار والدين العام، كما حدث فى المؤتمر الاقتصادى، ولكن يغطى جوانب أخرى أعمق وأشمل».
بوركت أستاذنا الكبير، وبورك مسعاك الحوارى.
نقلا عن المصرى اليوم