ياسر أيوب
من أجمل وأصدق ابتسامات العالم ابتسامة الخائف حين يطمئن والحزين حين يفرح والمريض حين ينتصر على الوجع.. ولم تكن ابتسامة سيباستيان رومين يوم الأحد الماضى تخص لاعب كرة سجل هدفين وساعد ناديه على الفوز ليقترب من الفوز بالدورى.. إنما ابتسامة مريض بالسرطان تخيل أنه لن يبقى طويلا.. وإذا بقى فلن يكون له مكان فى ملاعب الكرة.
وإذا بقى يلعب الكرة فليس بالتأكيد فى أحد أندية القمة الألمانية.. وكان سيباستيان المولود فى فرنسا 1994 لأب فرنسى وأم من كوت ديفوار قد بدأ مشواره مع الكرة فى أندية فرنسية صغيرة انضم بعدها لمنتخب فرنسا للناشئين.. وبعدها اختار سيباستيان اللعب لمنتخب كوت ديفوار وكان أحد لاعبيه أمام مصر فى دور الـ 16 لأمم إفريقيا التى استضافتها الكاميرون فى 26 يناير 2022.
وفازت مصر بضربات الجزاء وكانت آخر مباراة لسيباستيان قبل إصابته بسرطان الخصية.. وقتها كان سيباستيان لاعبا جديدا فى صفوف نادى بروسيا دورتموند الألمانى.. ولم يخف سيباستيان خبر إصابته أو مشاعره وكل ما دار فى خاطره بعدما أبلغه الطبيب بإصابته.. إنسان طبيعى لم يخجل من خوفه رغم أنه لم يشأ الاستسلام للخوف أو المرض.
وكانت المفاجأة هى التفاف زملاء الفريق وجماهير النادى حوله الذى كان من الواضح أنه لا يقل أهمية عن العلاج الكيماوى الذى بدأه.. فمريض السرطان يحتاج للحب قدر احتياجه للعلاج.. واهتمام الناس حوله ليس أقل ضرورة من الجراحة والدواء.. وبالفعل شفى سيباستيان بعد شهور طويلة غاب فيها عن الملاعب.. وحين عاد.
فوجئ بمدربه إيدين تيرزيتش لا يرحب به فقط ويهنئه بالشفاء، إنما تعامل معه كأنه لم يغب ولم يبتعد فترة طويلة.. وتحول تيرزيتش فى لحظة من مدير فنى لفريق بروسيا دورتموند لطبيب يجيد التعامل مع مرضاه ويمنحهم القوة والأمل.. وبالفعل لعب سيباستيان مع بروسيا مباراة ودية أمام بازل السويسرى.. وأمام نادى فرايبورج فى الدورى الألمانى فى فبراير الماضى.
أحرز سيباستيان أول هدف له مع بروسيا دورتموند.. وظل يلعب ويستعيد تدريجيا كامل لياقته الجسدية والنفسية.. وفى مباراة بروسيا دورتموند الأحد الماضى أمام أوجسبورت.. سجل سيباستيان هدفين مع أداء رائع استحق إعجاب واحترام الكثيرين.. ولم يجد إيدين تيرزيتش ما يقوله بعد المباراة، إلا أن ما قام به سيباستيان يكاد يقترب من الإبهار أو الإعجاز سواء كإنسان أو لاعب كرة.
الصحافة الألمانية بسيباستيان ورحلته مع المرض والألم والخوف والعلاج الكيماوى القاسى والطويل ليس لأنه لاعب كرة.. ولكن الاهتمام كان للإنسان الذى يمكن أن يتعلم منه الناس ألا يستسلموا لليأس أو الخوف وأن يتمسكوا بالحياة والأمل رغم العذاب والألم.. ولم يكن سيباستيان وحده الذى عانى فى الموسم الحالى من السرطان .
فكان هناك تيمو بومجارتل، لاعب يونيون برلين، وجان بول بوتيوس، لاعب هيرتا برلين.. وشفى الاثنان أيضا بعد جراحات ورحلة علاج طويلة ومعهم انتصر أيضا الأمل على الألم.
نقلا عن المصرى اليوم