هاني لبيب
أعلنت نيفين الكيلانى «وزيرة الثقافة» أمام لجنة الثقافة بمجلس النواب فى 18 ديسمبر 2022 أن الوزارة اتخذت خطوات تنفيذية لتطوير خطتها الاستراتيجية التى ترتكز على أربعة أهداف رئيسية لبناء قدرات الوزارة، هى: تطوير السياسات، ودعم منظومة الحوكمة المؤسسية، وإعادة الهيكلة وبناء النظم الإدارية الحديثة، وتأهيل الموارد البشرية وبرامج العمل والجودة.
وصرحت بأن خطة التطوير تتضمن استراتيجية عمل بإنشاء مرصد يتابع المؤشرات الدولية والمحلية ويعد تقريرا عن الحالة الثقافية. وأنه سيركز على السياسات الثقافية وصياغة أوراقها. وما يترتب على ذلك من صياغة برامج تنفيذية للأفكار المبتكرة فى مجال التنمية الثقافية.
ويستهدف المرصد حسب تصريحات الوزيرة فى مايو 2023 رصد المؤشرات الثقافية وتحليلها لتحسين موقع مصر من خلال إصدار تقرير يرصد الحالة الثقافية لأنشطة الوزارة ومكتبة الإسكندرية والجماعات الثقافية المستقلة ومؤسسات المجتمع المدنى بهدف إتاحة المُخرجات فى تقرير سنوى، والتنسيق بين المؤسسات المصرية بما يعزز من قدرات الثقافة المصرية.
قطعاً، يسعد أى مثقف ومفكر بل ومواطن عادى أن يكون هناك أى مشروع أو نشاط حقيقى يصب فى مصلحة الحياة الثقافية المصرية فى ظل التحديات الراهنة وفى ظل تراجع وإلغاء العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية المصرية، وإقامتها فى دول مجاورة بالمضمون نفسه.
وتحت مسميات شبه لهم أنها جديدة، على غرار ما حدث مع مهرجانى القاهرة السينمائى والدراما العربية. ولذا من المهم أن يتناول تقرير الحالة الثقافية العديد من الأسئلة التى تحتاج إلى إجابات دقيقة حتى لا يتحول الأمر إلى مجرد ورق فوق ورق، وهى:
أولاً: هل لم يلحظ أحد الازدواجية القائمة بين عمل المرصد فى إنجاز تقارير ووضع سياسات ثقافية وبين دور المجلس الأعلى للثقافة الذى يضم فى عضوية لجانه العديد من المثقفين والمفكرين؟ فلجان المجلس تمثل بيت خبرة متخصصا فى كل فروع الثقافة. وقبل ذلك كله، أعتقد أن التقرير بهذا الشكل سيرصد مدى رضا المواطن المصرى عن أداء وزارة الثقافة، هذا إن فعل بمصداقية.
وأعتقد أن التقرير سيكون أجدى لو صب جهده على رصد مدى رضا موظفى الوزارة عن دورهم وعملهم والتحديات التى تواجههم بدلاً من انفصال قيادات الوزارة عن موظفيها.. مع الوضع بعين الاعتبار أن الوزارة تزخر بالعديد من المبدعين داخل دولابها الوظيفى، لكن أحداً لا يلتفت لآرائهم رغم حيويتها وفاعليتها.
ثانياً: هل سيرصد التقرير ما يحدث فى مهرجانات وفعاليات الوزارة، كمهرجان الموسيقى العربية الذى تحول إلى مهرجان للأغنية الحديثة، وتم نقله بمسميات مختلفة لأماكن أخرى حتى يضعف ويتلاشى مع سبق الإصرار؟ وأيضاً كملتقى القاهرة الدولى للرواية الذى تم إلغاء دورته الثامنة فى نوفمبر 2022 وتأجيله إلى أجل غير مسمى، وذلك لتزامنه آنذاك مع قمة المناخ التى عقدت بشرم الشيخ فى نوفمبر 2022.
فهل من الصدفة أن يعقد فى الوقت نفسه مهرجان الشعر فى الأقصر، بحضور أمين المجلس الأعلى للثقافة نائباً عن الوزيرة، وكأنما الوقت اتسع لهذا ولم يتسع لذاك! كما تم تنظيم ملتقى السرد فى دورته الثامنة عشرة بجلسة افتتاحية فى دار الأوبرا، ثم عقدت جلساته بالمجلس الأعلى للثقافة فى سبتمبر 2022. مع العلم بأن ملتقيى القاهرة للرواية والشعر كانا يعقدان سنوياً بالتبادل حتى توقفا دون أسباب واضحة فى العامين الأخيرين.
ثالثاً: هل سينظر المرصد فى مشكلات نشر الكتب والمجلات بالوزارة وعلاقته بالتطور الرقمى؟ ولننظر مثلاً فى وضع مجلة «فصول للنقد الأدبى» التى تصدرها هيئة الكتاب وتصنف الآن بتقييم متدنى جدا فى النشر الأكاديمى، لأسباب لا أظن أن رئيس هيئة الكتاب وهو ناقد أكاديمى يجهلها! والجميع على علم بأن بعض المجلات العلمية للكليات المصرية المختلفة تحقق تصنيفاً مرتفعاً فى درجاتها أمام اللجان العلمية ليس فى مصر فحسب وإنما فى جامعات عربية وأجنبية أيضاً.
نقطة ومن أول السطر..
كل ما أخشاه أن يتحول المثقفون والمفكرون والمبدعون إلى مجرد موظفين، وأن يتحول ولاء بعضهم أو جهدهم وإخلاصهم على الأقل إلى من يقدرهم معنوياً ومادياً بعيداً عن مصر ومصلحتها وحاضرها ومستقبلها.
أين وزارة الثقافة ومرصدها من كل هذا.. أو باختصار أدق أين وزارة الثقافة أصلاً؟!.
نقلا عن المصري اليوم