القمص اثناسيوس فهمي جورج
عشت اللغة اليومية التي كان المسيحيون يتداولونها في القرون الاولي ، واغترفت من الينابيع بجدية ونضج ، وجعلتها حية ومعاشة في حياتك . كنت رخيم الصوت حلو الحنجرة جميل المعشر .
فاشتهرت بطلاوة التسبيح وعذوبة الاداء الليتورجي ، واكتشفت خبرة الطقس وروحانية اسراره ، واخترت التلمذة والتسليم مسلكا ... لذلك انت بحق اشهر مدرس للالحان القبطية الاكليريكية في زماننا ، وقد سلمت باكورات الكهنة والرهبان والشمامسة وعلمتهم بقدوتك جمال ذوق العبادة ، وخصوصية المقادس ورهبتها . كنت ملهما راقيا ورسمت ايقونة زاهية الالوان للشماس الاكليريكي المكرس للتعليم والخدمة والبحث الكنسي الاصيل . لازمت القديس البابا كيرلس السادس ، وتشربت منه طقس الزهاد والعباد ولباس الصليب ، وقت ان كنت الشماس صليب . اسمك هذا كان لك منه نصيبا كبيرا فجمل طريقة سيرتك ، حاملا لصليبك كل يوم . رافقت البابا كيرلس حتي صلوات تجنيزه و دفنه ، وايضا صاحبت جسده عند نقله حسب وصيته الي مزاره الحالي ببرية مريوط ومعك دكتور يوسف منصور . ...
ذلك اليوم المطير الشهير بصحراء الشهيد مار مينا العجائبي . انك ايضا كنت كائنا ليتورجيا في تسبيحك الليلي وبخور الباكر والعشية وقداساتك وقت الظهر ، عالما ان مجد الانسان هو الله ، كذلك خدمتك المخلصة لصرح الاكليريكية والتصاقك بهامة الاحبار ابا اغريغوريوس العلامة اللاهوتي الايقونة الكبير ..ثم اختيار البابا شنودة الثالث لك شماسا خاصا له ، ومااسديته لنا في مدينة الاسكندرية عندما كنت تحضر في معيته ، مقدما الخدمة التعليمية قبل وجود مكان لاكليريكية الاسكندرية ودروس الالحان بالبلكونة العلوية بالكنيسة المرقسية الكبري ، وقت ان كنت معيدا بالكلية الاكليريكة و تتزيا باللباس الاسود الوقور اللائق بنذور المكرسين . ترتشد بابينا القمص ميخائيل ابراهيم وبابينا القمص بيشوي كامل الذي كنت تاتيه في فصل الصيف ومعك خورس الاكليريكية في غصن الزيتون بابوقير ... وزياراتك لكنائس الثغر السكندري كتلميذ للبابا البطريرك عبر القداسات وتسبحة كيهك والبصخات والخدمات .. انك حقا صورة جميلة لابن الكاهن وللشماس الاكليريكي المرنم الحلو ، صورة و مثال للرهبنة الناسكة المكتفية وامينا لدير القديس العظيم الانبا بيشوي ... وايضا وقت ذهابك الي جبل العربة بدير الانبا انطونيوس بالبرية الشرقية ، لتسكن في قلايتك هناك بالقرب من عين الماء ، لتصير انت ابا وماءا لراحة بكورات نهضة رهبانية اوفدك لها المتنيح البابا شنودة الثالث ، كي تدبرها امينا ( روبيتة للدير ) .
واذكر ماقمت بتسجيله لي شخصيا من كنوز كنيستنا العريقة ، فهكذا عشت وكملت في الداخل والخارج . مبتعدا عن المناصب مستمسكا بدعوتك ، سعيدا بما انت فيه وطالبا وجه الله دون ان تهن عزيمتك .ماضيا في خدمة بيعة اجدادك ، حتي النفس الاخير وكمال ايام خدمتك ، راجعا الي بيتك الابدي ، ومصباحك وزيتك وكتاب وكالتك في يدك . اما نحن فننظر الي نهاية سيرتك ونتمثل بها ، مقتدين اثار كل الذين سبقونا ، لبلوغ ماادركنا المسيح لاجله .