د. وسيم السيسي
استعرت آلة الزمن من صاحبها H.G.Wells حتى أرتحل بها إلى مصر القديمة، ضبطت العداد على سنة ٥٦١٩ ق. م الأسرة الأولى «مانيتون»، وكان معى الدكتور ميسرة عبدالله حسين، نزلنا من آلة الزمن، التف حولنا مجموعة من الشباب، كانوا ينظرون بدهشة لآلة الزمن، سمعنا أحدهم يقول: مركبة!، نظرت للدكتور ميسرة قال: إنها كلمة مصرية!، طرقنا باب أحد البيوت، سمعنا صوتًا يقول: أيوة، نظرت للدكتور ميسرة قال: معناها جاى جاى أو أهلًا وسهلًا!، فتحت الباب سيدة جميلة.
قالت: مرحبو، أي يا مرحبا، هنو أي يادى الهنا!. كانت تحمل طفلًا يقول: أمبو أي ماء، بكى قالت: واوا، أي ألم؟!. وضع أصبعه في فمه، رفعت يده برفق قائلة: كخ، أي قذارة!. دخل علينا من الخارج طفل شقى واضعًا ألوانًا على وجهه قائلًا: أنا بعبع أي عفريت، قالت الأم هيا بنا إلى الإفطار، وجدنا على المائدة أطعمة كثيرة قالت: هذا بيتكم أمامكم البتاو «العيش»، المتمس «المدمس- الفول المطبوخ»، البيصارو «البصارة»، كانى ومانى «لبن وعسل»، وإن شاء الله، سوف أحضر لكم حات، أي لحمة من عند الحاتى «الجزار»، وسوف أطبخها لكم بطريقة: حتتك بتتك، «أى سوف لا تفرقون بين اللحم والعظم»!. كان الخبز من كمح أي قمح، وكان على المائدة خسن، أي خس!. قالت السيدة: هذا الخسن نقدمه لرب الخصوبة MIN!.
نظرت للدكتور ميسرة وقلت له: من MIN جاءت منوى العربية، SEMEN الإنجليزية، كما جاءت كعبة من كابا، ومنها Cube، أي مكعب!، ولكن كيف عرفوا أن الخس به فيتامين E، الذي نعالج به العقم عند الرجال حتى الآن؟!. قال دكتور ميسرة: نحن لا نعرف غير قطرة في محيط علومهم، لقد دمرنا الكثير مما تركوه لنا، ويكفى أن تعلم أن عدد كلمات اللغة المصرية القديمة أربعة ملايين وأربعمائة ألف كلمة، إنها اللغة السامية الأم لمجموعة اللغات السامية، كالعربية والعبرية والآرامية والفينيقية!.
دخلت علينا حمت «سيدة الدار، تطلق على أم الزوج أو أم الزوجة أي حماة»، قالت لزوجة ابنها: الضيوف لا يأكلون!، إدى، أي أعطى لهم، بس المدمس دح، أي سخن، والتى أصبحت أح!، وهذا هو التصحيف في اللغة!. دخل علينا أحد أبناء الأسرة، قالت الأم: ابنى دب، أي سمين أو تخين «فوكنر ٣١١»، جاء الأب نادى على أولاده: ياد، أي يا ولد، يابت، أي يا بنت، قالت الزوجة سى أحمس، أي الرجل أحمس، كحكح، أي شاخ وكبر، بس أولاده قايمين بالكوتة أي بالشغل، ماعدا الواد الروش ده!، أي المهتم بنفسه، والذنب على سى أحمس هننه، أي دلعه، وكل خيبة، أي عجز بسبب الطفل لما يتهنن أي يدّلع!. دخل علينا طفل صغير حاملًا مياو «قطة»، قلت لسى أحمس: بعض الناس يقولون إنكم تعبدون القطط!، قال: لو كنا نعبدها لما صنعنا من أمعائها بعد موتها أوتارًا للقيثارة والهارب، ولما صنعنا منها خيوطًا جراحية تستخدمونها حتى الآن CAT-GUT، نحن نقدسها ونرى أنها مبعوثة العناية الإلهية وقت وباء الطاعون، لم نكن نعرف السر، قلنا لسى أحمس لأنها تقضى على الفئران!. ابتسم سى أحمس، وقال: كم ظلمتمونا، وقال:
لا تظلموا الموتى وإن طال المدى/ إنى أخاف عليكم أن تلتقوا!.
نقلا عن المصري اليوم