حمدي رزق
يا قوة الله، مصر التي تعانى أزمة اقتصادية عاتية تحتضن 9 ملايين مهاجر ولاجئ، والرقم مرشح للزيادة في ضوء تداعيات الأزمة الراهنة في السودان، مصر الكريمة استقبلت حتى الآن 121 ألف مواطن من السودان، أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن.
السيد «سامح شكرى» وزير الخارجية، في لقائه في جنيف المفوض السامى لشؤون اللاجئين «فيليبو جراندى»، حدد سياسة مصر تجاه اللاجئين والمهاجرين، القائمة على احترام حقوق الإنسان وكرامتهم الإنسانية، وعدم التمييز في المعاملة بينهم وبين المواطنين المصريين، وتقديم الخدمات الأساسية لهم على قدم المساواة، خاصة في قطاعى الصحة والتعليم.
السفير «أحمد أبوزيد»، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، وعطفا على حديث الوزير شكرى، يلفت المنظمات الدولية المعنية إلى ضرورة حشد الموارد لدعم الجهود الوطنية في تقديم سُبل الرعاية، والمساعدات الإنسانية والطبية اللازمة على الحدود، للنازحين الفارين من النزاع في السودان، في ظل التزامات مصر منذ بداية الأزمة بفتح الحدود أمام الفارين من الصراع؛ اتساقًا مع التزاماتها الدولية والإقليمية.
الرقم الصعب 9 ملايين مهاجر ولاجئ، حمل ثقيل، مصر تتحمل غرما اقتصاديا، لا ذنب لها ولا جريرة في أزمات دول الجوار، ولا تتحمل إنسانيا وأخلاقيا إغلاق حدودها في وجه النازحين.
الرقم يثير غضبة نفر من المصريين الذين يعانون من ضيقة معيشية، ومنشورات الضيق تملأ الفيس وتويتر، ومع تواتر المساعدات الدولية لأقطار في الجوار تتلقى مليارات الدولارات مقابل استضافة النازحين، وتستخدمهم ورقة سياسية للضغط على أعصاب العالم المتوتر.
يصح قول الرئيس «نحن نتعامل بشرف في زمن عز فيه الشرف»، ويرفض السيسى قطعيا وصفهم باللاجئين، على حد قوله «هم ضيوف حتى تتحسن الظروف، ويعاملون كالمصريين في تلقى الخدمات التعليمية والصحية»، نصا يقول الرئيس: «مصر لا تزايد بهم لتتلقى شيئًا، ويعيشون كمواطنين داخل بلادنا حتى تتحسن ظروفهم».
صحيح مصر ليست غنية بالمقاييس الاقتصادية، ولكنها كريمة بالمواصفات الأخلاقية، مصر كبيرة قوى، وحضنها حنين قوى، وشعبها كريم قوى، ورغم ضيقة ذات اليد، لم تتبرم.. وشعارنا في ديارنا «إن ما شالتكم الأرض تشيلكم العيون».
مصر الكبيرة لا تتبرم بالوافدين نزوحا من هول الحروب، وتكرم وفادة من لجأ إليها، ولا تفرق بينهم وبين المصريين، في قلوبنا مسكن، وفى عيشنا مأكل، هذه طبائع المصريين، ويصدق فيهم القول العميق: «الكريم لا يضام».
فيضان النيل علم المصريين العطاء من فيض الكريم، عطاء بلا حسابات ضيقة، وأجود من الريح المرسلة في الكوارث، لم يشعر نازح يوما بأنه غريب بين أهله وناسه، بل شقيق وحبيب، «صاحب بيت»، يفضلها عن بقاع الأرض، تطعمهم من جوع وتأمنهم من خوف.
ذوبان النازحين في موج المصريين، كالسكر مذاب في ماء النيل، كرم المصريين يسبغ حياة المنكوبين بالأمن والأمان والاستقرار، يستريحون بعد شقاء على شاطئ النيل بعد شتات، وادخلوها بسلام آمنين.
بيوتنا مفتوحة للمحبين، ليس بيننا لاجئون، نبغض هذا الوصف على إخوتنا، ولا نتاجر بهم، لا نريد منهم جزاء ولا شكورا، ولكن على المنظمات الداعمة «تخلى في عينها حصوة ملح»، وتمد اللاجئين في مصر- وهم بالملايين- بما هو متاح من معونات دولية مخصصة للنازحين!.
نقلا عن المصري اليوم