ياسر أيوب
قبل أي حديث عن المشروع القومى للبطل الأوليمبى الذي بدأته وزارة الشباب والرياضة منذ سنوات.. لابد من الاتفاق أولا على عدة حقائق أساسية ومهمة.. فهو ليس مشروعا لكل الموهوبين رياضيا في مصر، لكنه لرعاية المتميزين جدا وتأهيلهم ليكونوا أبطالا أوليمبيين.. وهو ليس بديلا للاتحادات والأندية الرياضية ومسابقاتها ولاعبيها الذين يتابعهم المشروع ويختار فقط الذين يستحقون رعاية أكبر وليس أن يضم ناشئين وصغارا لم تتضح بعد أو تكتمل وتتأكد مواهبهم.. فهو مشروع لا يبدأ من الصفر وليست مهمته اكتشاف موهوبين، إنما رعاية من ثبتت ونضجت موهبته وبات يحتاج لدعم ورعاية وإعداد وإنفاق لا يستطيعه اتحاد أو ناد.. وهو ليس قاعدة رياضية بديلة أو موازية لتهميش مؤسسات قائمة بالفعل، وبالتالى ليس مطلوبا منه الالتفات لكل الألعاب إنما فقط الألعاب التي يتم اختيارها استنادا إلى أسس علمية في الاختيار والانتقاء.. ولا يعنى ذلك كله أن المشروع لم ينجح في تقديم بطلات وأبطال حقيقيين لمصر فازوا ببطولات وميداليات..
وأن الدكتور أشرف صبحى يستحق الشكر حين فكر وبدأ هذا المشروع.. لكن المشكلة أن القائمين على المشروع توسعوا أكثر من اللازم بنوايا لا أزال أظنها طيبة وباتوا يضمون كل يوم لاعبات ولاعبين جددا للمشروع.. وبالتالى بدلا من إنفاق ميزانية المشروع على مائة أو مائتى لاعبة ولاعب على سبيل المثال في خمس أو ست ألعاب.. بات المطلوب من نفس الميزانية الإنفاق على آلاف اللاعبات واللاعبين في كل الألعاب.. فكان من الطبيعى والمتوقع ألا يجد أصحاب المواهب الحقيقية والمتميزة الرعاية التي توقعوها وكانوا ولايزالون يحتاجون إليها ويستحقونها.. كما أن هذا العدد الضخم من اللاعبات واللاعبين لم يظلم فقط الموهوبين الحقيقيين لكنه سمح بالكثير جدا من المجاملات في مختلف المحافظات..
وتم ضم لاعبات ولاعبين للمشروع لمجرد التدريب المجانى وتقاضى مرتبات شهرية دون أن تمتلك لاعبة أو لاعب منهم موهبة ستجعله يوما بطلا أوليمبيا.. وإذا كانت الوزارة تريد المساعدة في البحث عن موهوبين.. فمن الممكن أن تنفق الوزارة على قوافل رياضية علمية وفنية تجوب زوايا مصر وبالتحديد المناطق البعيدة والنائية لاختيار هؤلاء الجدد وتقدمهم لاتحادات وأندية يكبرون ويمارسون مختلف الألعاب.. ويبقى كل ذلك بعيدا تماما عن المشروع القومى للبطل الأوليمبى.. فهناك فارق كبير وحقيقى بين مشروعات للبحث عن المواهب الرياضية ومشروع آخر للبطل الأوليمبى.. فالممارسة الرياضية تبقى حقا للجميع دون أي شروط أو قيود.. والمنافسة الرياضية لابد أن تبقى متاحة لمن يستطيع ذلك في أي ناد أو مركز شباب.. لكن المنافسة الدولية والأوليمبية تبقى شيئا آخر يختلف تماما عن أي منافسة محلية ولابد لها من قواعد صارمة وضوابط لا تعرف مجاملات واستثناءات.. وليس صحيحا أنه لكى تمتلك عشرة أبطال أوليمبيين يجب أن تنفق على عشرة آلاف لاعبة ولاعب.. فهذا إهدار للوقت والمال وحقوق الموهوبين بالفعل.. وبالتالى يستحق الآن هذا المشروع القومى للبطل الأوليمبى إعادة حساباته ومراجعة أهدافه.
نقلا عن المصرى اليوم