بعد ساعات من القلق والجدل الواسعين أظهرت التحقيقات والفحوصات المخبرية التي أجرتها السلطات الإيطالية حول تلون قسم من مياه القنال الكبير في مدينة البندقية باللون الأخضر، وجود مادة الفلوريسين غير السامة والتي تُستخدم عادة لفحص شبكات الصرف الصحي.

 
وأضاف أن النتائج "لم تثبت وجود عناصر سامة في العينات التي خضعت للتحليل"، من دون تحديد مصدر وجود الفلورسين في القنال الكبير.
 
وعادة ما يستخدم الفلورسين لتتبع مسار الشبكات أو لتحديد الانعكاسات بين شبكات مياه الصرف الصحي ومياه الأمطار.
 
وكان عدد من سكان المنطقة قد أبلغوا في وقت سابق الأحد، عن تغير في لون مياه القنال الكبير، وسط تكهنات كثيرة، وهو ما دعا حاكم البندقية لعقد اجتماع طارئ لقوات الشرطة، لفهم ما حدث ودراسة التدابير المحتملة لمكافحته.
 
ضوابط الاحتجاج البيئي
ورجحت مصادر إعلامية إيطالية أن تكون جماعات الضغط البيئية هي ربما من تقف خلف حادثة تلوين المياه، للفت الأنظار حول خطورة تسارع وتيرة التدهور البيئي حول العالم، وأن ما يرجح ذلك أكثر هو كون المادة المستخدمة غير سامة وغير ضارة .
 
وهو ما يطرح وفق خبراء ومراقبين ضرورة مراعاة ضوابط طرق الاحتجاج والرفض حيال تفاقم ظاهرة التغير المناخي، وبحيث لا تسهم في تعقيد المشكلة أكثر بدلا من التوعية بها والدعوة لحلها بسبل سلمية، ودون استخدام مواد وأصباغ قد تكون لها آثار سلبية ومضرة .
 
يقول الخبير البيئي وعضو الاتحاد العالمي لحماية الطبيعة أيمن قدوري، في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية :
 
* كبريات الدول الصناعية مستمرة مع الأسف بالإضرار بالبيئة عبر المضي باستخدام مصادر الطاقة التقليدية والتباطئ في عملية التحول الطاقي وعدم الالتزام بتشريعات قمم المناخ، وأبرزها معاونة الدول النامية على مواجهة مخاطر التغير المناخي وآثاره التي تحدث تحولات وتقلبات حادة في الطقس، نتائجه أصبحت واضحة للعيان من خلال الكوارث البيئية التي تضرب المعمورة بمختلف أشكالها.
 
* ولهذا وبموازاة ارتفاع الخطر البيئي المحدق بالعالم، ترتفع وتيرة الاحتجاجات من قبل المنظمات والجماعات المدافعة عن البيئة والداعية لالتزام الحكومات بتطبيق ما يتم تشريعه من قوانين دولية، للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والتي هي بمثابة الوقود لاستفحال عملية التغير المناخي .
 
* وخاصة في بلدان الجنوب الأوروبي والذي يعاني من فداحة الآثار البيئية والكوارث الطبيعية خصوصا تلك التي وقعت في الأعوام الخمس الأخيرة، والتي كشفت هشاشة أنظمة الاستعداد والتأهب لمواجهة الكوارث الطبيعية بأوروبا عامة، وعجزها عن التصدي لأزمات مناخية كالجفاف وحرائق الغابات والفيضانات .
 
* بالاضافة لانتشار حرائق أخرى في القارة الأميركية الجنوبية في أجزاء من غابات الأمازون وتحديدا في البرازيل، وفيضانات في القارة الأفريقية مع تعاقب موجات جفاف على أجزاء من أميركا الشمالية خاصة في كندا.
 
* وهكذا انتشرت المبادرات الاحتجاجية بشكل واسع حول العالم وبصورة واضحة في القارة الأوروبية، لدرجة أن أصابع الاتهام وراء ما حدث في ايطاليا من تلوين مياه القناة الرئيسية في مدينة البندقية باللون الأخضر الفاقع، ذهبت نحو نشطاء بيئيين، خصوصا وأن السلطات بايطاليا رصدت خلال الأسابيع الماضية أكثر من حالة مماثلة في مناطق متفرقة من البلاد.
 
* فبعض المواد المستعملة في مثل هذه الحالات لتلوين المياه، بخلاف مادة الفلورسين التي تم اكتشافها، قد تنطوي على أضرار، كالمادة العضوية (CDOM) التي تضر الكائنات المائية وتحديدا النباتات المائية، وتثبط من فعالية التمثيل الضوئي، وهي تستخدم مختبريا في دراسة خصائص المياه وتحديد درجة نقاوتها عن طريق التدرج اللوني.
 
* لا شك أن الاحتجاج المنظم والسلمي والبعيد عن التسبب بضرر عام، حق كفلته المواثيق الدولية وقوانين حقوق الإنسان، شريطة أن لا يضر عامة الناس، وعلى المستوى البيئي أن لا يخلف آثارا بيئية، قد تكون أكثر فتكا وأسرع تأثيرا سلبيا من عملية التغير المناخي ذاتها .
 
سلسلة حوادث
الترجيحات الأولية بوقوف جماعات ضغط بيئي خلف الحادثة، أتت استنادا لما شهدته إيطاليا في الآونة الأخيرة، حيث قامت جماعات الحفاظ على البيئة بتلوين معالم أثرية، وشمل ذلك استخدام الفحم النباتي لتحويل مياه نافورة تريفي في روما إلى اللون الأسود، احتجاجا على استخدام الوقود الأحفوري.
 
وهذه ليست المرة الأولى التي يتحوّل فيها لون مياه القنال الكبير إلى الأخضر، ففي العام 1968، ألقى الفنان الأرجنتيني نيكولاس غارسيا أوريبورو طلاءً أخضر في هذه المياه، على هامش الدورة 34 من مهرجان البندقية السينمائي، في خطوة ترمي إلى التوعية بالقضايا البيئية.