ياسر أيوب
يثبت التاريخ أن كرة القدم لعبة ليس من الممكن التخلص منها والقضاء عليها .. وبعدما قرر الملك البريطانى إدوارد الثانى فى 1314 تجريمها ومعاقبة كل من يلعبها باعتبارها لعبة الغوغاء والرعاع .. عادت كرة القدم من جديد ليس فقط ليلعبها البسطاء والفقراء إنما دخلت أيضا قصور الملوك والأمراء كأنها عادت لتنتقم من الملك إدوارد بعد رحيله .. وأكد أساتذة التاريخ إقامة مباريات لكرة القدم فى القصور الملكية فى القرن السادس عشر لدرجة أن أقدم كرة قدم حقيقية فى العالم كانت تلك لتى احتفظت بها الملكة مارى التى حكمت اسكتلندا منذ 1543 .. وفى تلك الفترة بات هناك لعبتان لكرة القدم .. لعبة الملوك والقصور وكرة حقيقية من الجلد وأسلوب لعب هادىء وراق ..
ولعبة فقراء وبسطاء المدن والقرى حيث لم تكن هناك قوانين والممنوع الوحيد أثناء اللعب كان قتل المنافس .. ولم تكن هناك أعداد محددة لكل فريق وكانت المباريات أحيانا تقام بين قرية ضد قرية أو مدينة ضد أخرى والكرة مصنوعة من مثانة خنزير .. وكانت هذه اللعبة الثانية هى التى عرفها ورآها وقد يكون مارسها أحيانا طفل صغير فى قرية ستراتفورد بعد ولادته 1564 .. وتحولت مباريات الكرة التى شاهدها أو شارك فيها هذا الطفل الصغير إلى المدرسة الحقيقية التى تعلم فيها هذا الطفل دراما الحياة والبشر ..
القوة والضعف والنبل والخيانة والشجاعة والتضحية والقسوة والألم .. وحين سافر هذا الطفل إلى لندن كان ما عاشه فى ستراتفورد أحد أدواته لكتابة مسرحيات انتهت بهذا الطفل ليصبح فى النهاية هو الكاتب العظيم وليام شكسبير .. وقد يكون مفاجئا لكثيرين حديث يربط بين شكسبير وكرة القدم لكن الحقيقة المؤكدة أن شكسبير هو أول من أدخل كرة القدم إلى عالم الأدب حين أشار إليها فى اثنتين من مسرحياته الشهيرة وهما كوميديا الأخطاء والملك لير .. ولم تكن إشارة شكسبير لكرة القدم من باب الإشادة أو الاحتفال إنما كان للتقليل من شأنها وشأن من يلعبها أيضا .. فقد شهد شكسبير فى طفولته وصباه الكثيرمن المآسى والأزمات التى صنعتها كرة القدم ..
وليس من الممكن التأكيد على أن شكسبير كان يكره كرة القدم لكنه بالتأكيد لم يكن سعيدا بما قد يؤدى إليه الهوس بهذه اللعبة .. وفى كل الأحوال لم يكن شكسبير منصفا لكرة القدم مثل باقى الألعاب .. فقد تحدث فى مسرحياته خمسين مرة عن الألعاب مثل المصارعة فى مسرحية كما تحب والفروسية فى مسرحية هاملت .. ورآها كلها ألعابا راقية ونبيلة باستثناء كرة القدم ..
وربما كانت رؤية شكسبير للعبة عبر مسرحياته وكراهيته لما تؤدى إليه من عنف وأذى مهمة فى أمرين .. الأول هو التفات مختلف طبقات المجتمع اللندنى لكرة القدم الذى كان وقتها يفضل ألعابا أخرى مثل التنس والفروسية .. والأمر الثانى كان الإسهام فى التحريض على اختراع كرة قدم أخرى أكثر انسانية وأقل عنفا وهمجية .. وهو ما جرى بالفعل لكن بعد مائتى عام فى بريطانيا والعالم كله
نقلا عن المصرى اليوم