ياسر أيوب
لم تكن مصر الرياضية فى أى وقت مضى من بلدان العالم المهمة أو القوية فى ألعاب القوى ولم تفز فيها بأى ميدالية أوليمبية أو بطولة عالم .. وهى حقيقة بسيطة لم يلتفت إليها كل هؤلاء الذين احتفلوا منذ أيام برقم قياسى مصرى جديد لبسنت حميدة فى سباق عدو 200 متر .. وكان من الممكن إقامة هذا الاحتفال لو أن التى حطمت الرقم القياسى المصرى لاعبة شابة جديدة تستحق التشجيع والتحية والتكريم ..
 
ولو لم تحقق بسنت حميدة أى انتصارات حقيقية خارج مصر لكان من الممكن إقامة الأفراح لنجاح مصرى جديد حققته فى مصر بطلة مصرية .. لكن من الواضح أن الذين احتفلوا بكسر الرقم القياسى المصرى لسباق 200 متر لا يعرفون من هى بسنت حميدة وما الذى حققته دوليا وليس مصريا فقط .. فإبنة الإسكندرية التى اختارت أن تجرى رغم أن والدتها بطلة سباحة ووالدها بطل تايكوندو ..
 
ولم تتخيل بسنت حين اختارت أن تجرى أنها ستكتب تاريخا جديدا واستثنائيا لمصر فى سباقات وبطولات العدو .. فلم تكن لنا نجاحات وبطولات حقيقية فى الجرى مثل نجاحاتنا فى رفع الأثقال والمصارعة وأضيفت إليهما ألعاب الإسكواش والسلاح والخماسى والكاراتيه والتايكوندو ..
 
وفازت بسنت ببطولات العرب فى بداية مشوارها ثم بطولات أفريقيا ثم ألعاب البحر المتوسط وأصبحت أول لاعبة مصرية تفوز بميداليات الذهب فى سباقات وبطولات الجرى فى أوروبا .. وبدأت أوروبا تدرك أن هناك لاعبة مصرية قادرة على أن تسبق الآخريات وتفوز عليهن .. وحين سافرت بسنت العام الماضى لتشارك فى بطولة كيب كينو كلاسيك التى نظمها الاتحاد الدولى فى كينيا مع مختلف بطلات العالم .. فازت بسنت بالميدالية الفضية وبفارق 6 أجزاء من الثانية خلف بطلة جامايكا شيلى آن فريزر برايس صاحبة 8 ميداليات أوليمبية ..
 
ولا أزال أرى هذه الميدالية الفضية أهم من أى ميدالية ذهبية لبسنت سواء فى أوروبا أو البحر المتوسط .. لأن نجمات سباقات الجرى معظمهن من أفريقيا وأمريكا اللاتينية .. وكان فوز بسنت بميدالية الفضة يعنى أنها أصبحت بالفعل من بطلات العالم .. وبعد ذلك نعود ونحتفل بكسر بسنت للرقم القياسى المصرى ..
 
كأننا لا نريد النظر إلا تحت أقدامنا ونخاف من الخروج للعالم حولنا ونفضل أن نبقى صغارا لا مكان لنا وسط الكبار .. وبدلا من الاهتمام بأرقام بسنت الحالية ومقارنتها بالرقم القياسى الأوليمبى والعالمى فى 100 و200 متر ..
 
وانتظار السباقات القليلة الباقية التى لابدأن تفوز بسنت ببعضها لتتأهل لدورة باريس المقبلة .. نحتفل بكسر رقم قياسى مصرى كأنه غاية ما نتمناه أو تقدر عليه بطلة عالمية مثل بسنت حميدة .. والذى أعرفه جيدا عن بسنت وشخصيتها وحكايتها يجعلنى أؤكد دون حتى الرجوع إليها أنها لم تعد تلتفت لأرقام مصرية أو عربية .. فقد أدركت بسنت منذ ثلاث سنوات أنها لم تعد أسرع بنت فى مصر أو بلدان العرب .. لكنها اقتربت كثيرا وجدا من ألقاب عالمية هى تستحقها ونحن نحتاج إليها
نقلا عن المصرى اليوم