هاني لبيب
قرأت باهتمام شديد ما كتبه الأستاذ محمد أمين على صفحات جريدة «المصرى اليوم»، الثلاثاء الماضى، تحت عنوان «كم طالب إعلام؟!»، ولى ملاحظات وتعليق على ما كتبه.. ليس فقط للعديد من التحديات التى تناولها، ولكن فى تحليله للمشهد العام الذى أختلف معه فيه وحوله.
الملاحظات على المقال المذكور، الذى جاء تعليقًا على رسائل القراء، يمكن أن نوجزها فيما يلى:
أولًا: الإطار الذى حكم المقال هو تناول الإعلام بمعايير ومقاييس ما قبل أحداث 25 يناير 2011، وهو إطار لا يستقيم أن نحكم به الآن بسبب التغيير الضخم الذى طرأ على المجتمع المصرى عبر كل تلك السنوات التالية وما يتبع ذلك من تغيير منظومة التحديات الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى التحديات التى تواجه الإعلام كمنظومة متكاملة.. يستهدف البعض تراجعها وعدم تميزها فى ظل تحديات اقتصادية غير مسبوقة سواء للمواطن المصرى أو الدولة نفسها.
ثانيًا: حمل المقال نوعًا من الخلط بين مشكلات التعليم الجامعى لطلبة الإعلام وبين العمل الإعلامى. ليس كل مَن يلتحق بالإعلام يستطيع أن يثبت موهبته فيه لأن الكثيرين التحقوا بالإعلام إما بسبب حصولهم على مجموع بالثانوية العامة أهّلهم للالتحاق بكلية الإعلام حسب التنسيق، أو بسبب شغف الظهور الإعلامى المتميز، وهى فى كل الأحوال مشكلة التعليم الجامعى فى مصر، والتى لا علاقة لها بالعمل الإعلامى، وأذكر أن غالبية مَن عملوا ويعملون بالإعلام وتميزوا فيه لم يكونوا من خريجى كلياته أصلًا.
ثالثًا: تراجع شراء الصحف والمجلات يعود بالدرجة الأولى إلى حالة فقد الاهتمام التدريجى بالسياسة والعمل العام بسبب تصاعد الضغوط الاقتصادية على المواطن المصرى فى حياته اليومية وليس بسبب عدم القدرة على ذكر الحقيقة كما جاء بالمقال، والحقيقة التى أغفلها الأستاذ محمد أمين هى أن الصحافة الورقية تعمل وفق ضوابط نشر المعلومات الدقيقة، وليس حسب عنعنات السوشيال ميديا.
وهو أمر مغاير لما كان يحدث قبل أحداث 25 يناير 2011 عندما كانت الصحافة الصفراء (لنشر الشائعات والسب والقذف دون دليل)، والصحافة السوداء، (التى استطاعت تأجيج المناخ الطائفى بأزماته وتوتراته)، هى المسيطرة على الشارع المصرى من خلال رسم صورة ذهنية محددة، أدت بنا إلى حالة الفوضى والتفكك.
أما التعليق، فهو فى اختلافى مع ما جاء به المقال المذكور بوصفه الإعلام المرئى بـ«حدِّث ولا حرج»، والكلام عن إهدار مليارات على قنوات مغلقة.. لا يشاهدها أحد، وهو كلام يبدو مهمًّا، غير أنه فى حقيقة الأمر كلام مرسل يتجاهل العديد من الإنجازات، ويتجاهل الجهود التى تمت. وأود أن أُذكر الأستاذ محمد أمين أننا قد حضرنا معًا منذ عدة سنوات العديد من اللقاءات التى كانت الدولة ممثلة فيها.
وكان الطلب الأساسى متى يكون لدينا إنتاج درامى قوى وقنوات إخبارية معتبرة تحتل مكانتها أمام العديد من القنوات لدول مجاورة، والتى طالما قام بعضها بدور سلبى جدًّا فى تشويه المجتمع المصرى والهجوم على الدولة المصرية والتشكيك فيها؟.
والآن، أصبحت مصر تمتلك منظومة إعلامية ضخمة، ربما يكون لدينا جميعًا بعض الملاحظات عليها، ولكنها فرضت نفسها كواقع غير مسبوق فى الإعلام المصرى، هذه المنظومة هى التى استهدفت الحفاظ على الهوية المصرية.
والارتقاء بالفكر وتنمية العقول ورعاية المواهب والحفاظ على الأسرة المصرية، وهو ما تم من خلال الاهتمام بالمحتوى الدرامى والبرامجى، الذى وثق لحظات تهديد الأمن القومى المصرى واستعادة مصر من اختطاف الفاشية الدينية لها.. من خلال تجسيد بطولات حقيقية لأبطال دفعوا حياتهم ثمنًا لاستقرار هذا البلد.
استطاعت هذه المنظومة من خلال خطة برامجية شاملة أن تنتج وتستقطب العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية والبرامج التليفزيونية، التى أعادت لمصر ريادتها الإعلامية، كما نفخر بفكرة تشييد قطاع متميز للأخبار، وإطلاق قناة القاهرة الإخبارية، وتدشين قطاع للإنتاج الوثائقى وتأسيس أول قناة وثائقية مصرية. فضلًا عن النجاح المتميز لقناة إكسترا لايف وقناة إكسترا نيوز.
نقطة ومن أول السطر..
بدأ الإعلام المصرى طريق الريادة.. الذى طالما طالبنا به، وعانينا غيابه، طريق التحديات على مستوى المضمون والمحتوى، وعلى مستوى المنافسة والمكانة، وهو طريق يرسخ لمصر صورة مختلفة ليست فقط لما سبق، ولكن للقائم فعليًّا الآن.
نقلا عن المصرى اليوم