محرر الأقباط متحدون
قرأ الكاردينال ماورو غامبيتي نائب البابا العام على دولة حاضرة الفاتيكان ورئيس مؤسسة Fratelli tutti بعد ظهر السبت الكلمة التي أعدها الأب الأقدس للمشاركين في لقاء دولي حول الأخوّة الإنسانية.
 
عُقد السبت ١٠ حزيران يونيو في روما لقاء دولي حول الأخوّة الإنسانية بعنوان Not alone تنظمه المؤسسة الحبرية Fratelli tutti بالتعاون مع بازيليك القديس بطرس ودائرتَي خدمة التنمية البشرية المتكاملة والاتصالات الفاتيكانيتين. ونظرا لتواجده في مستشفى جيميلي للنقاهة عقب العملية الجراحية التي أُجريت له لم يتمكن البابا فرنسيس من المشاركة في برنامج اللقاء بعد ظهر السبت في ساحة القديس بطرس، ولهذا قرأ الكاردينال ماورو غامبيتي نائب البابا العام على دولة حاضرة الفاتيكان ورئيس مؤسسة Fratelli tutti الكلمة التي أعدها الأب الأقدس لهذه المناسبة.
 
وفي بداية كلمته رحب الأب الأقدس بالجميع رغم عدم تمكنه من القيام بهذا بشكل شخصي مباشر حسب ما كتب، ووجه إليهم الشكر القلبي على حضورهم معربا عن سعادته للتأكيد معهم على التوق إلى الأخوَّة والسلام لحياة العالم. وتابع قداسته أن السماء تدعونا إلى السير على الأرض معا وإعادة اكتشاف كوننا أخوة وإلى الإيمان بالأخوّة كدينامية أساسية لحجِّنا. ثم ذكَّر البابا فرنسيس بما كتب في رسالته العامة Fratelli tutti حين شدد على أن للأخوة شيئا إيجابيا تقدمه للحرية والمساواة، وذلك لأن مَن يرى أخا يرى في الآخر وجها لا رقما، شخصا له كرامة ويستحق الاحترام، لا شيئا ما يمكن استخدامه واستغلاله أو الالقاء به. وواصل الأب الأقدس مؤكدا أن في عالمنا الذي يمزقه العنف والحرب لا تكفي رتوش تحسينية بل يمكن فقط لميثاق روحي واجتماعي كبير ينبع من القلوب ويتمحور حول الأخوّة أن يعيد إلى مركز العلاقات قدسية الكرامة البشرية وعدم انتهاكها.
 
تحدث البابا فرنسيس في كلمته بالتالي عن حاجة الأخوَّة لا إلى نظريات بل إلى أفعال ملموسة واختيارات متقاسَمة تجعل منها ثقافة سلام. ليس السؤال المطروح إذن ماذا يمكن للمجتمع وللعالم أن يعطياني بل ماذا يمكنني أنا أن أعطي لإخوتي وأخواتي. ودعا الأب الأقدس إلى التفكير في أفعال الأخوّة الملموسة التي نقوم بها مثل التصالح في العائلة ومع الأصدقاء أو الجيران، الصلاة من أجل من جرحنا، التعرف على من هم في عوز ومساعدتهم، حمل كلمة سلام إلى المدرسة أو في الجامعة أو المجتمع، أن نحيط بالقرب شخصا يشعر بنفسه وحيدا.  وتابع البابا فرنسيس أن علينا الشعور بأننا مدعوون إلى أن نضع بلسم الحنان في العلاقات التي فسدت بين الأشخاص وبين الشعوب. شدد الأب الاقدس أيضا على ضرورة ألا نكل عن الصراخ باسم الله وباسم كل شخص يتوق إلى السلام: "لا للحرب".
 
الأخوّة هي خير هش وثمين، واصل البابا فرنسيس، والأخوة هم مرساة الحق في بحر تهيجه نزاعات تزرع الكذب، والحديث عن الأخوة هو تذكير لمن يتقاتلون ولنا جميعا بأن عاطفة الأخوّة التي توحدنا هي أقوى من الكراهية والعنف، وهي توحد الجميع في الألم ذاته. وأضاف قداسة البابا أن من هنا يجب الانطلاق دائما، من الحس معا، مما وصفه بشرارة يمكنها أن توقد النور مجددا لإيقاف ليل النزاعات. وتابع قداسته مشددا على أن اعتبار الآخر أخا ومناداته بالأخ ليس كلمة فارغة بل هذا هو الشيء الملموس الأكبر الذي يمكن لكل منا أن يفعل، فهذا يعني التحرر من الاعتقاد بأننا أبناء وحيدون ويعني اختيار تجاوز منطق الشركاء الذين هم معا انطلاقا من المصالح، يعني القدرة على تجاوز حدود روابط الدم والعرق التي تعترف بالشبيه فقط وتنكر المختلف. أكد الأب الأقدس من جهة أخرى أنه مع اختيار البشر والمجتمع للأخوّة فإن السياسة أيضا ستتغير، حيث ستعود الغلبة للشخص على الكسب، للبيت الذي نسكنه جميعا على البيئة التي تُستغل من أجل المصالح الخاصة، سيحصل العمل على الأجر الصحيح، سيصبح الاستقبال غنى، ستصبح الحياة رجاءً وستنفتح العدالة على الإصلاح، وستلتئم ذكريات الشر باللقاء بين الضحايا ومرتكبيه.
 
وفي ختام كلمته التي قرأها الكاردينال ماورو غامبيتي شكر الأب الأقدس الجميع داعيا إلى العمل كي يكون ما عيش اليوم في هذا اللقاء الخطوة الأولى في مسار وأن يطلق مسيرة أخوّة. دعا قداسته الجميع من جهة أخرى إلى التأمل في العناق وأن يحتفظوا من هذا اللقاء بالرغبة في معانقة رجال ونساء العالم كله كي نبني معا ثقافة لقاء.