القمص يوحنا نصيف

هذه الخدمة لها أهمّيّة خاصّة في الكنيسة، إذ فيها يقضي أبناؤها بعض وقتهم معًا، في صلاة وأنشطة رياضيّة واجتماعيّة متنوّعة، تبني المحبّة، وتستثمر المواهب، وتُنشِئ الصداقات المفيدة، وتقوِّي العلاقات الأخويّة..
 
يجب بالطبع أن تَحرِص الكنيسة على تقديم الخدمة الروحيّة والمناخ النقي داخل هذا النادي.. مع ملاحظة أنّ انطلاق الأولاد والبنات والشباب في أنشطة النادي، سوف يَكشف عن بعض السلبيّات في طباعهم وسلوكهم، وهذا ليس أمرًا سيِّئًا، بل على العكس هو مفيد جدًّا.. إذ أنّنا نريد أن تنكشف الضعفات، لكي يُمكن تقويمها وعلاجها بالمحبّة والحزم الأبوي مع الأدويّة الروحيّة المناسِبة..
 
قضاء وقت كبير داخل الكنيسة هو فُرصة هائلة للاستثمار في أبنائنا، لتربيتهم وتعليمهم وتثبيتهم في المسيح، وغرس العادات الروحيّة الجميلة فيهم..
 عادةً يكون النادي في وقت الصيف، ولكن لا مانع أن يكون له ولو وقت بسيط في فصل الشتاء أثناء الدراسة..
 
بنعمة المسيح سأقدّم في هذا المقال نموذجين لخدمة النادي، الأوّل عندما كنتُ أخدم في مرحلة ابتدائي، بكنيسة مارجرجس سبورتنج، منذ أكثر من أربعين عامًا.. والنموذج الثاني هو ما يتمّ تطبيقه في كنيستنا بشيكاجو الآن.
 
 النموذج الأول (نادي ابتدائي في كنيسة مارجرجس سبورتنج من سنة 1979 حتّى 1984م): 
 خدمة النادي تتمّ أربعة أيّام في الأسبوع، من الإثنين إلى الخميس. ولمدّة أربع ساعات من التاسعة صباحًا حتّى الواحدة ظهرًا.
يدفع المشتركون في النادي قيمة بسيطة للمساهمة في شراء الألعاب، ويتمّ استخراج كارنيه لهم.
 يحضر الخُدّام من الساعة الثامنة والنصف لصلاة الساعة الثالثة مع بعضهم البعض، ثم يتمّ فرْش المكان.
 تبدأ الافتتاحيّة بالقاعة أسفل الكنيسة في تمام التاسعة صباحًا، وتستمرّ ما يقرُب من ساعة.. يتخلّلها صلاة وترانيم عديدة وتحفيظ ألحان، مع قصّة مسلسلة..
تبدأ مرحلة الألعاب من الساعة العاشرة حتّى الثانية عشرة والنصف.. وتشمل الألعاب الخفيفة (شطرنج ودومينو وطاولة..)، وبعض الألعاب الإلكترونيّة، مع تنس الطاولة والبيبي فوت.. وفي أوقات كثيرة يلعب الخدّام مع الأطفال..
 
 أثناء هذه المرحلة، هناك أنشطة اختياريّة يمكن الالتحاق بها، لمدّة 20-30 دقيقة مثلاً، منها حفظ مزامير، وحصّة متخصّصة للألحان، وقصص من السنكسار، وفنون يدويّة.. وكلّها أنشطة لها جوائز قيّمة جدًّا، يتمّ توزيعها في حفل ختام النادي في نهاية الصيف.
 
 في الساعة الثانية عشرة والنصف، يتجمّع الأولاد لمدّة نصف ساعة للترنيم، ومع استكمال القصّة المسلسلة، والختام بالصلاة.
 
 يتمّ افتتاح النادي بحفل كبير في بداية الصيف، يتمّ فيه تحفيظ ترنيمة كشعار، وعرض نظام النادي والألعاب الجديدة التي فيه.. أمّا في نهاية الصيف، فيُقام احتفال كبير بنهاية النادي قرب عيد النيروز، ويتمّ فيه توزيع جوائز قيّمة على الأولاد المثاليّين، والفائزين في مسابقات الألحان والمزامير والأعمال الفنّيّة..
 جميع الخدّام متطوّعون، ومعظمهم طلبة في أجازتهم الصيفيّة.
 كنتُ أشعر أنّ خدمة يوم واحد في النادي، بها دسم روحي يفوق ما يتمّ تقديمه أسبوعيًّا في مدارس الأحد. وكان هذا الدَّسَم يتمّ تقديمه أربعة أيّام في الأسبوع.. فقد كان يتمّ تحفيظ عدد هائل من الترانيم والألحان، ودراسة قصص العهد القديم على شكل مسلسلات شيّقة.. مع قصص من تاريخ الكنيسة، وقصص هادفة أخرى..
 
 النموذج الثاني (وهو ما نقوم به الآن في كنيسة السيّدة العذراء بشيكاجو):
 خدمة النادي تتمّ أربعة أيّام في الأسبوع، من الإثنين إلى الخميس. ولمدّة ستّ ساعات يوميًّا من العاشرة صباحًا حتّى الرابعة عصرًا.
  يسبق الوقت الرسمي للنادي القدّاس الإلهي، يوميّ الإثنين والأربعاء.. أو التسبحة يوميّ الثلاثاء والخميس.. وغالبًا يوم الأربعاء يكون مخصّصًا لرحلة خارج الكنيسة بعد القدّاس والإفطار.
 النادي مخصّص للمرحلة الابتدائيّة والإعداديّة فقط، والذين يخدمون فيه هم من المرحلة الثانويّة أو أكبر. ويتمّ اختيارهم بعد إعدادهم والتأكُّد من جدّيتهم وكفاءتهم.. كما يوجَد خُدّام متطوّعون.
 
 نلاحظ هنا أنّ الخُدّام الأساسيّين للنادي، من الشُّبّان والشابّات، تستفيد الكنيسة بطاقتهم.. بدلاً من أن يذهبوا ليعملوا خارج الكنيسة، فهم يعملون داخل الكنيسة في فترة الصيف.. يُفيدون ويستفيدون.. بعد إعدادهم لهذه الخدمة.
 
 يوجد اشتراك للنادي، كما يوجَد نظام مكافآت للخدّام، يتمّ توجيهه مباشرةً إلى تكاليف دراستهم في الجامعة scholarship.
تدعم الكنيسة النادي بمبلغ كبير كلّ سنة، إذ أنّ التكاليف تكون دائمًا أكبر من إيراد الاشتراكات.
البرنامج اليومي: بعد الصلاة والترانيم الافتتاحيّة، يتمّ تقسيم الأولاد والبنات إلى مجموعات بحسب السِّن، ويقضون وقتهم في النادي بنظام الحصص.. فيوجَد حصّة ألعاب خارج المبنى، وحصّة دراسة كتاب مقدّس، وحصّة ألحان، وحصّة أكل، وحصّة دراسة منهج مهرجان الكرازة، وحصّة أشغال فنّيّة، وحصّة ألعاب خفيفة داخل المبنى.. وهكذا.. فتأخُذ المجموعات دورها على كلّ الفصول.. كما توجَد بعض الحصص الاختياريّة..
 
هكذا نرى أنّ النادي بمثابة مدرسة شاملة تُقَدِّم برنامجًا دسمًا كلّ يوم.. لذلك دائمًا أُشجّع الشعب على إشراك أولادهم في النادي، قائلاً لهم: "يوم واحد في النادي يساوي شهر مدارس أحد".. إذ أنّ الفائدة الروحيّة التي يخرج بها الأولاد من النادي يوميًّا تُقدَّر بحوالي أربع ساعات تعليميّة، وهي تساوي تقريبًا الفائدة من حضور مدارس الأحد لمدّة أربعة أسابيع..!
 
 الأجازة الصيفيّة للمدارس عندنا في الولايات المتّحدة الأمريكيّة قصيرة نسبيًّا عنها في مصر، فهي لا تزيد عن تسعة أسابيع.. لذلك فإنّ مُدّة النادي الصيفي تكون في حدود خمسة أسابيع مُركّزة فقط.
 
 أضع هذين النموذجين أمام حضراتكم، كأفكار يمكن الاستفادة بها أو تطويرها، بحسب إمكانيّات كلّ كنيسة وخدّامها..
إنّ خدمة النادي في الكنيسة هي خدمة جميلة وهامّة، يمكن من خلالها تنشئة أبنائنا بشكل متميِّز، وتقويم سلوكيّاتهم، وغرس حبّ المسيح والكنيسة في قلوبهم..
 
 الربّ يبارك كلّ خدمة، لبنيان النفوس، ولتمجيد اسمه القدّوس،،