إعداد /ماجد كامل
مقدمة :-
ولد القديس ديديموس الضرير حوالي عام 313 م ؛ أصيبت عينيه بمرض وهو في الرابعة من عمره مما ادي الي فقدان بصره ؛ ولكن الرغبة القوية في المعرفة عنده أدت به الي نحت حروف هجائية علي ألواح من خشب ( وهو بذلك يكون قد سبق برايل بخمسة عشر قرنا ؛ وعلم نفسه بنفسه قواعد اللغة اليونانية الفلسفة والمنطق والحساب والموسيقي ؛ وقيل عنه ان كان يحفظ عن ظهر قلب جميع أسفار الكتاب المقدس بعهديه .
رئاسته لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية :-
أعجب به القديس اثناسيوس الرسولي جدا ؛فأقامه مديرا علي مدرسة الإسكندرية اللاهوتية حوالي عام 346 م تقريبا . وكان عمره في ذلك الوقت حوالي 33 عاما ؛ وتتلمذ علي يديه وعلي كتاباته كثير من الآباء القديسين مثل ( القديس غريغوريوس النزينزي – القديس جيروم – القديس روفينوس – يالاديوس ..... الخ )
صداقته للقديس العظيم الأنبا انطونيوس أب جميع الرهبان :-
كانت تربطه صداقة قوية ومتينة بالقديس العظيم الانبا انطونيوس حتي انه زاره عدة مرات في مغارته بالبحر الأحمر ؛ كما زاره القديس العظيم الانبا انطونيوس بالإسكندرية مرتين ؛ ومرة قال له ( هل انت حزين لفقدانك بصرك ؟ اجاب القديس ديديموس الضرير نعم ؛ فرد عليه الانبا انطونيوس "لا يحزنك فقدان بصرك ؛ فلقد نزعت منك الأعين الجسدية التي يمكتلكها أحقر الحيوانات ؛بل عليك ان تببتهج لأن لك أعينا تري بها اللاهوت نفسه وتدرك نوره ") فتعزي القديس ديديموس بهذا القول جدا .
الرؤيا التي شاهدها بشأن الأمبراطور يوليانوس الجاحد :-
يقول ( بينما كنت ذات يوم متفكر في شأن الأمبراطور يوليانوس والشرور التي فعلها بالكنيسة . أضطربت جدا حتي لم أذق خبزا الي ساعة متأخرة من المساء ؛ واذا بي أري خيولا بيضاء تجري ؛ وكان الراكبون عليها يقولون "قولوا لديديموس ان يوليانوس قد مات اليوم الساعة السابعة . قم وكل ؛ وأرسل الي أثناسيوس البطريرك لكي يعرف هو ايضا ما قد حدث " وقد دونت اليوم والساعة والاسبوع والشهر ؛ وأتضح لي ان كل ما قيل كان صحيحا ) .
أشهر كتاباته :-
1-كتاب عن الثالوث :- في ثلاثة أجزاء .
كتب خلال الفترة من ( 381- 392 ) ؛ وفيه يرفض أي تراتبية في الجوهر ( بمعني الأفضلية أو السبق لأقنوم عن الآخر ) ويجيب في النهاية علي الاعتراضات التي أثارها الأريوسيون . يتناول في الكتاب الأول الحديث عن الأبن ؛ وفي الثاني الحديث عن الروح القدس ؛ وفي الثالث يلخص الحديث عن الأثنيبن ويناقش اعتراضات الخصوم ويرد عليها .
2-كتاب عن الروح القدس:-
وهو يعتبر – حسب رأي كواستن - من أفضل الكتب التي كتبت عن الروح القدس ؛ وفيه يقدم الدليل علي أن الروح القدس ليس مخلوقا ولكنه واحد في الجوهر مع الآب والأبن ؛كما يتناول الرد علي الاعتراضات .
3-ضد المانيين :-
وتتكون من 18 فصلا ؛ وفيه يتناول الرد علي بدعة المانويين أتباع ماني .
ويرصد كواستن أيضا بعض الأعمال المفقودة جاء ذكرهم في مؤلفات القديس جيروم ( مشاهير الرجال ) ؛ منها كتاب عن العقائد والرد علي الأريوسين ؛وكتاب الدفاع عن أوريجبينوس ؛ حيث أثبت أن أوريجانوس قد أسأ البسطاء فهمه حيث أنهم لم يستطيعوا أن يدركوا أفكاره .ويذكر يوحنا الدمشقي نصين آخرين للقديس ديديموس الضرير هما :- إلي أحد الفلاسفة مع بعض الكتابات الأخري . كما كتب كتابا صغيرا ضد "أريوس وسابليوس " وجد ضمن أعمال القديس غريغوريوس النيصي . وينسب له أحد العلماء أيضا مقالة عن "رؤية السيرافيم " .
4-تفسيرات الكتاب المقدس :-
كتب القديس ديديموس تعليقات علي ( المزامير – أيوب – إشعياء – هوشع – زكريا – سفر الأمثال ) ومن العهد العهد الجديد تعليقات علي ( انجيل متي – انجيل يوحنا – أعمال الرسل – الرسالة الأولي والثانية إلي أهل كورنثوس – رسالة غلاطية – رسالة أفسس )
لمن يريد الاطلاع علي القائمة الكاملة لكتاب القديس ديديموس ؛ يمكنه الرجوع إلي كتاب : جوهانس كواستن :- علم الآبائيات "باترولوجي " ؛ المجلد الثالث ؛ترجمة الراهب غريغوريوس البراموسي ودكتور نادر مدحت لبيب ؛ مؤسسة باناريون ؛ الصفحات من 115- 138 ) .
+ في شهر اغسطس 1941 كان للجيش البريطاني بعض الثكنات العسكرية في مدينة طرة " أحدي ضواحي القاهرة ما بين المعادي وحلوان " وأكتشفوا هناك بعض البرديات التي تحتوي علي بعض كتابات القديس ديديموس الضرير وترجع الي القرن السادس الميلادي "تفاسير اسفار التكوين وأيوب وزكريا "
+ قال عنه بلاديوس ( فسر العهدين القديم والجديد كلمة كلمة ؛ وكان يركز عنايته بالأكثر علي العقيدة ؛ وكان يفعل ذلك بكل دقة ولكن بيقين حتي فاق في ذلك كل القدماء في معرفته )
نماذج من أقواله وكتاباته :_
+ ( كل من يتصل بالروح القدس هو في نفس اللحظة يتقابل مع الآب والأبن ؛ وكل من يشترك في مجد الآب. فإن هذا المجد في الواقع هو ممنوح له بالروح القدس )
+ ( من المستحيل لإي واحد أن يطلب نعمة الله إن لم يكن عنده الروح القدس الذي فيه يتضح أن كل هذه العطايا متضمنة فيه . فالروح القدس هو نبع كل العطايا وليست عطية تمنح بدونه . هو المقدس والمحيي ؛ نور السماء ؛ الحافظ الكل ؛ المجدد والمحرر ؛ يطير بنا إلي السماء ويقتادنا في مداخل الخلاص ....... هو النعمة الإلهية ؛ينبوع المواهب الذي لا يفرغ ؛ومنطلق كل فكر صالح ؛ختم الخلاص ؛ والموهبة الإلهية ؛عربون الخيرات الأبدية ؛أكليل الأبرار هو حافظ الأخيار ؛المسكن السماوي ؛كل من يشترك فيه ينال التذكارات الصالحة ) .
+ إن جرن المعمودية التي تتم باسم الثالوث هو ورشة ( بمعني مصنع أو معمل ) من أجل خلاص كل الذين يؤمنون . فهو يحرر كل هؤلاء الذين يغتسلون فيه من لدغة الحية ) .
+ هؤلاء الذين تألموا قبل المعمودية واستشهدوا ؛ قد اغتسلوا في دمائهم ؛ و قد أعطوا الحياة بواسطة روح الله القدوس .
+ كثيرون ظنوا في المال سعادتهم وفرحهم ولكن بقدر ما شربوا منه وأمتلأت معدتهم به بقدر ما ازداد ظمؤهم ولم يشبعوا حتي لو لهم ملايين الأموال
+ العمل والجهاد يذوب في العبادة ليصير ركنا من أركانها ومن يهمل فيه يكون قد أجرم لا في حق نفسه أو الغير فحسب بل في حق الله ذاته .
+ الفرح هبة يعطيها الروح كثمرة من ثماره لمن يتجاوب معه .