صلاح الغزالي حرب
ارتفاع ضغط الدم من أكثر الأمراض شيوعًا فى العالم، وهو ما يتسبب فى وفاة الملايين من الأشخاص سنويًّا فى جميع أنحاء العالم من البالغين، الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و60 عامًا.. وقد كشف تقرير صادر عن مركز المعلومات الدوائية بوزارة الصحة عن إصابة 4 من كل 10 أفراد بهذا المرض (حوالى 40% من السكان)، ولذلك تأتى مصر بين أعلى 10 دول فى العالم إصابة بهذا المرض، وقد أكدت د. وفاء العروسى، أستاذ القلب بطب القاهرة، أمين صندوق الجمعية المصرية لارتفاع ضغط الدم، أن الأبحاث أثبتت أن المصريين لديهم أعلى معدلات لإفراز الصوديوم فى البول فى العالم نتيجة الإفراط فى استهلاك ملح الطعام، حيث يبلغ حوالى 9 جرامات يوميًّا، فى حين أن جمعية القلب الأمريكية أوصت بتناول ما لا يزيد عن ملعقة صغيرة من الملح يوميًّا حدًّا أقصى.
ويعبر عن ارتفاع الضغط برقمين.. الأعلى (الانقباضى)، ويمثل الضغط الناجم عن انقباض عضلة القلب لضخ الدم فى الشريان الرئيسى (الأورطى)، فى حين يعبر الرقم الأسفل (الانبساطى) عن الضغط الناجم عن تدفق الدم فى شبكة شرايين الدم المتفرعة من الشريان الأورطى إلى كافة أجزاء الجسم، فكلما كانت هذه الشرايين ضيقة ارتفع الضغط.. ومع استمرار الضغط على جدران الشرايين يحدث تلف بهذه الجدران (تصلب الشرايين)، وقد تنفجر أى منها فى أى وقت مع إهمال العلاج.
وينقسم ارتفاع الضغط إلى نوعين، فهناك الارتفاع الأولى، الذى يمثل الغالبية العظمى من الحالات، حيث لا يوجد سبب واحد له، ولكن تسهم فيه عوامل كثيرة، ومنها عوامل الوراثة وزيادة الوزن والإسراف فى تناول الملح وعدم ممارسة الرياضة والتدخين والتوتر والقلق المستمر، الذى يسبب نشاطًا زائدًا للجهاز العصبى السمبتاوى، وهو المسؤول عن إفراز بعض الهورمونات مثل الأدرينالين والكورتيزون، وكذلك مرض السكر وبعض أمراض الكلى وغيرها، وهناك النوع الثانوى، الذى يمثل 5% من الحالات نتيجة خلل معين فى أحد الأعضاء، والذى يمكن علاجه، فيتوقف ارتفاع الضغط مثل ضيق شرايين الكلى وبعض أورام الغدة الكظرية وبعض العيوب الخلقية بالقلب وبعض الأدوية مثل المستخدمة فى علاج نزلات البرد والمسكنات وغيرها.
أعراض ارتفاع الضغط وتشخيصه:
مرض ارتفاع الضغط- كمرض السكر- لا توجد له أعراض مميزة فى الكثير من المرضى، ومن هنا كانت تسميته «القاتل الصامت»، ولا يتم تشخيصه إلا باستخدام جهاز مُعَد لقياس الضغط.. ولكن الصداع فى كثير من المرضى يكون مؤشرًا على احتمال ارتفاع الضغط، وهذا غالبًا ما يكون فى الصباح الباكر، ويشمل جانبى الرأس، مع الضغط على قمة الرأس، وفى شكل نبضات، ويزداد بزيادة المجهود، كما يمكن أن يكون مصحوبًا بغثيان أو زغللة بالعين أو نزيف من الأنف، وبحسب القواعد الاسترشادية المتفق عليها عالميًّا مؤخرًا، فإن الضغط الطبيعى هو ما يقل عن 120- 80، ويتم تشخيصه كمرحلة أولى إذا كان الرقم الأعلى 130 أو أكثر والأسفل 80 أو أكثر، وكمرحلة ثانية إذا كان الأعلى 140 أو أكثر والأسفل 90 أو أكثر، ويصل إلى مرحلة الخطر إذا وصل الأعلى إلى 180 والأسفل 120 أو أكثر، والجديد فى الأمر أن ذلك أصبح ينطبق على كل الأعمار.. وهو ما يؤكد أهمية العلاج المكثف والمستمر طوال العمر، ومن المهم أن نعلم أن التشخيص النهائى للمرض يعتمد على أكثر من قياس، فى أوقات مختلفة، مع استمرار ارتفاع الضغط، وبواسطة الطبيب المختص، كما أن الضغط فى بعض الأفراد يرتفع بالعيادة، ويعود طبيعيًّا عند قياسه بالمنزل.
ومن المعروف أن ضغط الدم الطبيعى يبدأ فى الارتفاع قبيل سويعات من الاستيقاظ من النوم ويصل إلى أعلى مداه فى منتصف اليوم لينخفض مرة أخرى فى فترة المساء والنوم، ومن هنا كان الاهتمام بقياس الضغط مرتين يوميًّا.. فى الصباح الباكر، وقبل النوم، ويرجع السر وراء ذلك إلى الساعة البيولوجية للإنسان، والتى تتغير مع اليقظة والنوم، حيث يرتفع هورمونا الأدرينالين والكورتيزون فى الصباح.
العلاقة بين مرضى السكر وارتفاع ضغط الدم:
هناك علاقة مزدوجة بين المرضين، حيث أثبتت الدراسات أن 7 من كل 10 مصابين بالسكر يعانون ارتفاع ضغط الدم.. فالسكر المرتفع يؤثر على كفاءة الشرايين، ويؤدى إلى تصلبها، كما أن تأثير السكر على وظائف الكلى يؤدى إلى تجمع الماء والصوديوم، مما يؤدى إلى ارتفاع ضغط الدم.. ومن ناحية أخرى، فإن مريض ارتفاع الضغط يعانى فى أغلب الأحيان زيادة المقاومة للأنسولين، مما يؤدى إلى ظهور مرض السكر.. وهذه العلاقة المزدوجة قد تؤدى عند إهمال العلاج إلى أمراض شرايين القلب والكليتين والمخ وما ينتج عنها. ويختلف ارتفاع الضغط عند مريض السكر عن غيره فى أنه غالبًا ما يزيد فى المساء، وهو ما يفسر حدوث السكتات الدماغية نتيجة ارتفاع الضغط أثناء النوم، والذى من علاماته صوت الشخير أثناء النوم والتردد على الحمام وضيق التنفس.. ومن هنا كانت التوصية بأخذ علاج الضغط لمريض السكر قبل النوم تحسبًا لارتفاعه.
ارتفاع الضغط'>توصيات لمرضى السكر وارتفاع الضغط:
1) الاكتشاف المبكر، والعلاج المكثف من اليوم الأول، والمتابعة الدورية مع الطبيب المتخصص، وعدم التهاون فى أخذ العلاج فى وقته، هى مفتاح النجاة.
2) المحافظة بقدر الإمكان على الوزن المناسب (7- 10% انخفاضًا فى الوزن كفيل بحماية المريض من مضاعفات كثيرة).
3) منع التدخين بكل أنواعه منعًا باتًّا.
4) ممارسة الرياضة، ويكفى السير هرولة لمدة نصف الساعة صباحًا ومساءً يوميًّا.
5) الأكل المتوازن المعتمد على الخضروات والفاكهة والألياف والبروتينات.
6) تقليل الملح والدهون المشبعة، وهناك أطعمة تزيد فيها نسبة الملح مثل البيتزا، حيث إن شريحتين من الجبن المستخدم فيها يحتويان على ما لا يقل عن 512 مج من الصوديوم، ومنع المخللات بكل أنواعها، واستبدال الملح بالليمون والخل والتوابل والشطة، والامتناع عن الأغذية المعلبة.
7) الفحص الشامل السنوى، والذى يشمل الكشف الدورى على شرايين الجسم، التى تتأثر بارتفاع السكر وارتفاع ضغط الدم، مما قد يؤدى إلى عواقب وخيمة، خاصة على القلب والمخ والكليتين والعينين والأطراف.
8) التعامل السريع مع ارتفاع الضغط ليلًا، والذى قد يؤدى إلى تكوين جليطات متناثرة بالمخ بلا أعراض ظاهرية، بالإضافة إلى ضعف فى التركيز وخلل معرفى وضعف فى عضلة القلب وقصور كلوى بهدف الوصول سريعًا إلى ضغط 130- 80 أو أقل.. وأحذر بشدة من استخدام بعض أقراص علاج الضغط بوضعها تحت اللسان لتخفيض الضغط إلا فى المستشفى، وتحت إشراف الطبيب المختص، لتجنب الانخفاض السريع للضغط ومضاعفاته.
وبعد.. فإن مصر واحد من أكثر بلدان العالم إصابة بمرضى السكر وارتفاع ضغط الدم، وكلاهما لا أعراض ظاهرية له فى بداية الأمر، ومع انتشار كارثة السجائر والشيشة، فالمضاعفات تكون أخطر وأفدح، ويحتاج الأمر إلى زيادة جرعة الوعى والثقافة الصحية بعيدًا عن بعض برامج الصحة مدفوعة الثمن التى تنتشر على الفضائيات.. من أجل حياة أفضل للجميع.
نقلا عن المصرى اليوم