هاني لبيب
فى الرابع من يناير من هذا العام، أصدر د. مصطفى مدبولى قراره رقم 69 لسنة 2023، والمرتبط بترشيد الإنفاق العام بالجهات الداخلية فى الموازنة العامة للدولة والهيئات فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية وفقًا لمجموعة ضوابط وقواعد خاصة بهذا القرار، وذلك حتى نهاية السنة المالية 2022 - 2023.. وبناءً عليه ينتهى سريان هذا القرار فى 30 يونيو من هذا العام؛ أى مع انتهاء السنة المالية الجارية.
ولا أعلم تحديدًا ما مرجعية وزارة الثقافة فى تنفيذ هذا القرار، إذ تم بناءً عليه إلغاء معظم فعاليات وأنشطة الوزارة، خاصة فى قصور الثقافة بطول مصر وعرضها، رغم أن معظم هذه الأنشطة لا تتجاوز تكلفتها الـ 1000 جنيه على غرار مؤتمرات اليوم الواحد والندوات الثقافية، وذلك بما لا يتجاوز 6 فعاليات سنويًا للقصر الثقافى الواحد.
.. ولكن على أى حال، أحاول أن أطرح هنا بعض الأسئلة البسيطة على وزارة الثقافة، فى محاولة لمعرفة ملامح سياستنا الثقافية، وهى:
1 - هل إلغاء أنشطة قصور الثقافة ساعد على ترشيد إنفاق الوزارة، أم أن قضية الترشيد يمكن أن تتم بأشكال أخرى لا تؤثر على الخدمات الثقافية التى هى أساس وجود الوزارة، مثل: إلغاء الاستعانة بمستشارين من خارج الوزارة داخل القطاعات المختلفة، أو تخفيض عدد المشاركين بالمؤتمرات الخارجية بما لا يؤثر على مساحة وجودنا الثقافى خارجيًا؟!
2 - هل لدينا خطة نشر واضحة لكل هيئات ومجالس وزارة الثقافة (المجلس الأعلى للثقافة، والهيئة العامة للكتاب، ومركز الترجمة، وقصور الثقافة)، أم أطاحت الأزمة المالية بخطة نشر الوزارة وفعالياتها أيضًا؟!
3 - كم عدد الكتب التى أصدرتها وزارة الثقافة بهيئاتها المختلفة فى عامنا هذا؟، وكيف تعاملت وزارة الثقافة مع أزمة ارتفاع سعر ورق الطباعة؟، وماذا فعلت مع أزمة التسعير فى ظل ارتفاع سعر الدولار؟
4 - لماذا لم تشارك مصر فى معارض الكتب الدولية بالهند ومسقط وأربيل؟ ولماذا تم توقف المعارض النوعية (فى المحافظات والجامعات)، والتى وصلت عام 2018 إلى 99 معرضًا سنويًا، ولم تقم الوزارة هذا العام سوى بمعرض واحد فقط (هو معرض فيصل)؟.. لعل الإجابة: ترشيدًا للنفقات!، أو بسبب خسائر معارض الكتاب!، علما بأن العديد من دور النشر المصرية الخاصة تشارك فى معظم تلك المعارض.. والأعجب هو تحقيقها أرباحًا بل جوائز.. وفى هذا السياق، أهنئ دار العين المصرية على حصولها على جائزة الشيخ زايد فى مجال النشر والتقنيات الثقافية لعام 2023.
5 - ما الذى قدمه المرصد الثقافى الذى أعلنت عنه الوزيرة فى 18 ديسمبر2022 باعتباره المختص بالحالة الثقافية وصياغة أوراق عن السياسات الثقافية المختلفة؟! وهل لدى المرصد إجابات عن التساؤلات السابقة وغيرها، أم أن الإجابات عند المجلس الأعلى للثقافة، الذى يعتبر هذا الدور اختصاصًا أصيلًا له؟
إن القضية أكبر من مجرد الحديث عن إحلال وتجديد قيادات الوزارة وزعم تغيير دمائها، كما حدث مؤخرًا مع البعض.. فالفشل واضح وجلىّ للجميع.. إننا نعانى من عدم وجود سياسات كلية واستراتيجيات فى مختلف القطاعات، وهو ما يؤدى إلى معاناة الوزارة فى تحقيق بدائل تمويلية وخطط ملائمة للمرحلة دونما التخلى عن دورها المنوط بها، والذى يجب أن يتسع لخدمة محافظات الجمهورية كلها.
نقطة ومن أول السطر..
الإلغاء والتجميد هو أسهل طرق اللا عمل تبريرًا للالتزام بترشيد الإنفاق. أما التحدى الحقيقى فهو الاستثمار الثقافى واستحداث مسارات تمويل بديلة فاعلة وواضحة المعالم، مع تغيير كامل فى اللوائح والنظم.. فهل لدى وزارة الثقافة سيناريوهات حقيقية لاستعادة دورها المفقود فى تقديم خدماتها الثقافية، أم علينا انتظار أمل ووزارة جديدة؟!.
نقلا عن المصري اليوم