ياسر ايوب
لم يعترض الكنديون حين أعلنت باسكال سانت أونج، وزيرة الرياضة في بلادهم، مثليتها الجنسية، واعتبروا ذلك حرية شخصية للوزيرة التي ستخضع للمساءلة أو تتعرض للهجوم والانتقاد فقط إن أخطأت أو لم تقم بواجباتها كوزيرة للرياضة.. ولم يعترض الكنديون أيضا حين أعلنت حكومة بلادهم برئاسة جاستين ترودو التزامها بمنح 75 ألف دولار لكل من يريد إجراء جراحة تغيير الجنس من موظفات وموظفى الحكومة الكندية.. لكن حين اعترض بعض الكنديين على مشاركة من كانوا رجالا في بطولات رياضية للنساء، وعلى لعب من كانوا أولادًا في مسابقات رياضية مدرسية للبنات، أصبح هؤلاء المعترضون متطرفين وغير متحضرين، يحاربون الحرية الشخصية وينشرون دعاوى الكراهية في المجتمع الكندى.. واحد من هؤلاء المتطرفين الجدد كان يحضر منذ أيام مباراة كرة مدرسية تشارك فيها ابنته، وكل جريمته كانت سؤاله بشأن لاعبة في الفريق المنافس، وهل هي ولد تحول إلى بنت أم لا..
مجرد التساؤل أصبح جريمة استدعت معاقبة هذا الأب بمنعه من حضور أي مسابقات أو بطولات مستقبلا في أي مدرسة كندية. وتضامن مسؤولون كثيرون مع هذه التلميذة وأى تلميذة أخرى غيّرت صفتها البيولوجية من أنثى إلى ذكر.. ودعت الوزيرة باسكال سانت أونج، المؤسسات الرياضية الكندية ونجوم الرياضة الكبار، للوقوف ضد أمثال هذا الأب وكل من يدعُون للتطرف والكراهية.. ولم تشرح وزيرة الرياضة الكندية مفهومها للتطرف، فالذين تتهمهم الوزيرة الآن بالتطرف لم يلجأوا لأى عنف.. لم يتدخلوا في حرية واختيار أي أحد.. لم يعارضوا أي رجل يتحول لامرأة أو امرأة أصبحت رجلا، لم يرفضوا أيضا من لا يعترف بالزواج الطبيعى بين رجل وامرأة.. كل ما رفضوه هو أن تشارك نساء كُن في الأصل رجالًا في مسابقات رياضية نسائية، واعتبروا ذلك تغييبًا للعدالة الرياضية.. ورغم ذلك أصبح هؤلاء هم المتطرفون وليس الذين لا يسمحون لأحد بأى رأى يخالف رأيهم واختيارهم.
وليس هناك تعليق أعمق وأهم على ما جرى هذا الأسبوع في كندا أفضل من حكاية نجمة التنس الشهيرة جدا «مارتينا نافراتيلوفا»، التشيكية الأصل وأصبحت مواطنة أمريكية منذ 1981.. ويعتبرها كثيرون جدا أعظم لاعبة تنس في التاريخ، واعتزلت 1994 بعد مشوار حافل بالبطولات والنجاحات القياسية التي يصعب تكرارها.. وحين أعلنت نافراتيلوفا مثليتها الجنسية، أشاد وفرح بها كثيرون واختاروها سفيرة لعالم المثليين وتوالت حفلات تكريمها.. ولكن حين أعلنت نافراتيلوفا منذ ثلاث سنوات رفضها مشاركة الرجال المتحولين في ألعاب النساء.. وحين قالت إنها لا تمانع أن يختار الرجل التحول إلى امرأة، لكنه ليس من العدل أو الصواب السماح لهذا الرجل بمنافسة النساء.. أصبحت نافراتيلوفا امرأة تُحرّض على العنف وتقول كلامًا مشحونا بالكراهية.. وتم سحب كل شهادات التقدير التي سبق منحها للبطلة الكبيرة.. وبدأت حملات كثيرة تسخر وتهاجم وتهدد مارتينا نافراتيلوفا.. فهل هذا هو السلوك المتطرف، أم هو رفض أي أب وأم مشاركة المتحولين جنسيًا في مسابقات الرياضة؟!.
نقلا غن المصرى اليوم