صلاح الغزالي حرب
أولًا.. الإهمال والفساد في المعادى:
تُعتبر منطقة المعادى القديمة في جنوب القاهرة على الضفة الشرقية من نهر النيل من أرقى المناطق السكنية في القاهرة، وهى مسكن للسفارات ومقر للهيئات الدولية والخبراء الأجانب، وتشتهر بأبراجها المرتفعة وفنادقها الفخمة.. ويرجع إنشاؤها إلى الخديو إسماعيل، حيث بناها الضابط الكندى ألكسندر آدمز، الذي اشترى 1403 أفدنة للاستثمار السكنى، وهى المنطقة المعروفة الآن بمعادى السرايات، وقد سُميت المعادى لوجود (معدية) لعبور النيل بين ضفتيه.. وحتى نهاية الأربعينيات، كنت تخضع إداريًّا لمحافظة الجيزة ناحية البساتين، ثم أصبحت تابعة لمحافظة حلوان، التي أُلغيت عام 2011، وأصبحت مدينة تابعة لمحافظة القاهرة، ومن المضحكات المبكيات أن الكثير من أهل المعادى حتى الآن لا يعرفون اسم الحى الذي ينتمون اليه إداريًّا، وقد أخبرتنى سيدة تقطن في حى المعادى منذ أكثر من ثلاثين عامًا أن رقمها القومى يؤكد أنها تابعة للمعادى، في حين أن ابنتها تابعة لحلوان، وابنها تابع للبساتين، وهم يقطنون نفس الشقة!، وقد شكا لى الكثيرون من التدهور والإهمال الشديد في هذه المدينة، التي كانت أجمل مدينة في سابق الأيام، فالشوارع مهانة كرصف ونظافة وأمان ومنادين متسولين في كل مكان يمارسون البلطجة، ناهيك عن فوضى الميكروباصات والمطبات المدمرة للسيارات والتكاتك التي تعيث في الأرض فسادًا وكابلات الكهرباء المكشوفة، وهناك منطقة تسمى «عرب المعادى»، وهى منطقة عشوائية تفرز الكثير من المشاكل من زحام شديد وقمامة في كل مكان، وللأسف الشديد يحدث هذا حول محكمة المعادى والشهر العقارى!. ومنذ أيام، سقط أحد أعمدة الكهرباء على سيارة الزميلة الفاضلة أ. د. نعمت قاسم، أمام منزلها، وهى من سكان المعادى منذ سنوات طويلة، ولولا ستر الله سبحانه وتعالى كانت ستحدث كارثة مميتة، وجاءت شرطة النجدة، وتم إبلاغ شركة الكهرباء، وحتى الآن لا يزال العمود في مكانه!، علمًا بأن هناك أعمدة كثيرة على وشك السقوط.. وقد أخبرتنى الزميلة الفاضلة بأنها التقت برئيس الحى عدة مرات، وأرسلت عدة شكاوى، ولم تجد أدنى استجابة!.
انتهت شكوى طبيبة المعادى وزملائها، وبقيت الأسئلة، التي تحتاج إجابة شافية وواضحة:
1) عندما يشكو سكان المعادى وسكان الزمالك ومصر الجديدة والقاهرة الجديدة، فماذا نتوقع من الأحياء والمدن الأخرى، التي يئست من الشكوى وسلمت أمرها لله؟!، وأين السادة وزير الإدارة المحلية ومحافظ القاهرة ورؤساء الأحياء؟، وأين جهات الرقابة والمتابعة؟، وهل يُعقل أن نُحيل هذه الشكاوى إلى رئيس الدولة، الذي يعمل ليل نهار بلا كلل ولا ملل؟، وإذا كان المسؤول غير قادر على العمل، فلماذا لا يستقيل؟!، ولماذا لا يحاسب على تقصيره وإهماله؟!.
2) أين قانون المحليات، الذي لم يرَ النور لأسباب غامضة، وإلى متى تستمر معاناة المواطنين؟!.
ثانيًا.. عن الأوقاف'> إدارة أموال الأوقاف:
تلقى الكاتب الصحفى القدير، الأستاذ حمدى رزق، بيانًا مفصلًا عن جملة المعاملات المالية المتصلة بوزارة الأوقاف ومقاصد التصرفات المالية، ومنها على سبيل المثال إنفاق حوالى 800 مليون جنيه لإحلال وتجديد وصيانة وتطوير وفرش المساجد!، ولا أدرى أين الميسورون ورجال الأعمال في كل محافظة، و300 مليون جنيه للوفاء بجميع رواتب ومصروفات الهيئة، بالإضافة إلى 700 مليون لتحسين الأحوال المالية للأئمة!، (مليار جنيه للرواتب والمصروفات!)، والمفترض أن تُستثمر هذه الأموال أولًا في الأغراض التي وُضعت لها، ثم في تشجيع مشروعات صناعية وزراعية وتجارية تدر عائدًا سنويًّا يساعد المحتاجين في عمل مشرعات صغيرة ومتناهية الصغر وهكذا تحت شعار المثل الصينى (لا تُعطنى سمكة، بل علمنى كيف أصطاد).. ثم يبقى سؤال: كم عدد أئمة المساجد في مصر، وكم تحتاج مساجدنا منهم، وما متوسط دخلهم الشهرى؟، ولماذا لا تتكفل بهم وزارة المالية باعتبارهم موظفين بالدولة؟!.
ثالثًا.. عن برامج الطهى على الشاشة:
صدر أول كتاب طبخ عربى مكون من 800 صفحة باسم (أصول الطهى) لكل من بهية عثمان ونظيرة نيقولا، والذى حاز شهرة واسعة، وطُبعت منه 12 طبعة، وقد شاهدت إحداها (أبلة نظيرة) عند شقيقى الحبيب د. أسامة- الذي يهوى أعمال المطبخ وإعداد الطعام منذ الصغر!)، ولا يزال يتصفحه للمزيد من العلم!.. وبعد افتتاح التليفزيون المصرى عام 1960، وفى أول خريطة رمضانية، في 17 فبراير 1961، ظهر أول برنامج طهى تحت اسم (طبق اليوم)، لمدة ربع الساعة يوميًّا، في الثانية والربع ظهرًا، وهو وقت راحة ربات البيوت. وفى بداية التسعينيات، ظهرت السيدة منى عامر، لأول مرة، لتقديم برنامج طهى على الهواء، لمدة 10 سنوات، كما ظهر شيف أسامة السيد.. ومع بداية الألفية، ظهر برنامج (من كل بلد أكلة)، تقديم شريف مدكور، والذى ظهر معه الشيف الشربينى والشيف حسن.. وبمرور الزمن، أصبحت هذه البرامج من أكثر البرامج شيوعًا في التليفزيون المصرى، وأصبح مقدموها يشاركون في الإعلانات عن بعض أنواع الأغذية. وعلى الرغم من أهمية مثل هذه البرامج، وخاصة للفتيات حديثات الزواج، اللاتى لم يتعلمن شيئًا عن إدارة المطبخ، بكل أسف، فإننى لاحظت في الفترة الأخيرة تنافسًا على تقديم مأكولات لا قِبَل لنا بها، ولا تهم الغالبية العظمى من المشاهدين، كما أنها لا تنتمى بصلة إلى المزاج والذوق المصرى، وعلى سبيل المثال، فقد شاهدت إحداهن، وهى تتكلم العربية، مُطعَّمة بالكثير من التعبيرات الإنجليزية!، تقدم لنا، وبكل فخر طريقة عمل الكابوريا بالمايونيز!، وأنواع مستحدثة من السوشى وسلطة الكافيار الأحمر والأسود وغيرها مما لم أستطع تمييزه من أطعمة لا تسمع عنها الغالبية العظمى من النساء، وهو بالتأكيد ما يصيب المشاهد بالإحباط بسبب كثرة المنتجات المستخدمة في هذه الوجبات، وخاصة ونحن- جميعًا- نعانى أزمة اقتصادية خانقة، مع ارتفاع جنونى غير مبرر في الأسعار.. كما أن عدد هذه الرامج زاد بدرجة كبيرة، وبعضها يروج، للأسف، لمنتجات قد يضر بعضها بالصحة العامة، ولا توجد أي رقابة صحية على الوجبات الغذائية المستخدمة، وللأسف، فإن بعض البرامج الحوارية أصبحت تستضيف أصحاب بعض المطاعم المتخصصة في أكلات مختلفة لتقديم أكبر دعاية لها.
أطالب بمراجعة تلك البرامج كى تكون كما بدأت أول مرة برامج غذائية تثقيفية تتفق مع الذوق المصرى وتتناسب مع السيدة المصرية، وليست استعراضًا للأطعمة غالية الثمن أو إعلانًا عن مكونات تلك الأغذية
نقلا عن المصرى اليوم