محمد أمين
أقصد بالطبع محمود سامى البارودى.. ومعلوم أنه أخذ لقبه من اسم بلدته إيتاى البارود بالبحيرة، وذاع صيته فى مجال الشعر والعسكرية المصرية، ولُقِّب برب السيف والقلم.. وهو شاعر ووزير مصرى وُلد عام 1838م من أسرة مؤثرة لها صلة بأمور الحكم. نشأ طموحًا.
تبوأ مناصب مهمة بعد أن التحق بالسلك العسكرى، وقد ثقف نفسه بالاطلاع على التراث العربى، ولاسيما الأدبى، فقرأ دواوين الشعراء وحفظ شعرهم وهو فى مقتبل عمره. أُعجب بالشعراء المُجددين مثل أبى تمام والبحترى والشريف الرضى والمتنبى وغيرهم!
وهو رائد مدرسة البعث والإحياء فى الشعر العربى الحديث، وهو أحد زعماء الثورة العرابية. ولقد تولى وزارة الحربية، وكان التعليم وحده سبيلًا للترقى إلى أعلى الدرجات، ليس وزيرًا فقط ولكن رئيس وزراء أيضًا!
وُلد محمود سامى فى 6 أكتوبر 1839م فى القاهرة، لأبوين من أصل شركسى من سلالة المقام السيفى نوروز الأتابكى (أخو برسباى). وكان أجداده ملتزمى إقطاعية إيتاى البارود بمحافظة البحيرة، ويجمعون الضرائب من أهلها. يعتبر البارودى رائد الشعر العربى الحديث الذى جدّد فى القصيدة العربية شكلًا ومضمونًا.
نشأ البارودى فى أسرة على شىء من الثراء والسلطان، فأبوه كان ضابطًا فى الجيش المصرى برتبة لواء، وعُيّن مديرًا لمدينتى بربر ودنقلا فى السودان، ومات هناك، وكان محمود سامى حينئذ فى السابعة من عمره!
اللافت للنظر أن الدنيا كانت مفتوحة أمام الجميع، ويعمل فى معية الخديو، ويتركه إلى عمل آخر ثم يضيق بالعمل المكتبى، فيهرع إلى الجندية مرة أخرى، فلا يمنعه أحد حتى يصبح كبير الياوران لولى العهد، ثم يعود إلى الخديو سكرتيرًا خاصًا وكاتمًا لسره فلا يمنعه أحد.
ويتقلب فى كل المناصب ويكتب الشعر وينتقل إلى الأستانة فيجيد التركية والفارسية، فيتعرف عليه الخديو إسماعيل فيعود به فى معيته وحاشيته، ثم يعود فى نهاية المشوار إلى بلده، فيضيق بالعمل الديوانى فى القصر، ثم يعود إلى الجندية ليصبح وزيرًا للحربية!
تلقى البارودى دروسه الأولى، فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ النحو والصرف، ودرس شيئًا من الفقه والتاريخ والحساب، حتى أتمَّ دراسته الابتدائية عام 1267هـ/ 1851م، حيث لم يكن هناك فى هذه الفترة سوى مدرسة واحدة لتدريس المرحلة الابتدائية، وهى مدرسة المبتديان، وكانت خاصة بالأسر المرموقة وأولاد الأكابر!
تخرج فى المدرسة المفروزة عام 1855م برتبة «باشجاويش»، ولم يستطع استكمال دراسته العليا، والتحق بالجيش السلطانى.. يعد محمود سامى البارودى أول من كتب مقدمة لديوان شعرى فى العصر الحديث، وتكمن وظيفة الشعر عند البارودى فى وظيفة، هى: «تهذيب النفوس، وتدريب الأفهام، وتنبيه الخواطر إلى مكارم الأخلاق».
تأثر شعر البارودى بالنهضة الأدبية فى العصر الحديث، والتى أظهرت الاختلافات بين القديم والجديد، نتيجة لانتشار الثقافة العربية والاتصال بأوروبا عن طريق زيادة عدد المبتعثين الذين تخصصوا فى فروع الأدب فى الجامعات الغربية!.
نقلا عن المصرى اليوم