هاني صبري - المحامي
قام مُعيدٍ بكليةِ طبِّ طنطَا بالشروع في قتلِ أستاذٍ بذات الكليةِ اثناءَ مرورِهِ حاول إطلاقِ عيارٍ ناريٍّ صوْبَهُ من فردِ خَرطوشٍ، إِلَّا أنَّ عطلًا أصابَ السلاحَ منعَهُ، فبادرَ بضربِ المجنيِّ عليه السلاحِ على رأسِهِ وحاولَ الفرارَ، وقد علَّلَ المجنيُّ عليهِ تعدّيَ المتهمِ بإرسالِهِ ملفَ الجزاءاتِ والشكاوَى الخاصَّ بالمتهمِ إلى رئيسِ القسمِ محلِّ المتهمِ بِناءً على طلبِهِ.
وقد عاينتِ النيابةُ العامةُ مسرحَ الواقعةِ، واطّلعتْ على تسجيلاتِ آلاتِ المراقبةِ المطلةِ عليهِ، واستجوبتِ المتهمَ فأنكرَ ما نُسبَ إليه مِنِ اتهامٍ وقرَّرَ حدوثَ مشادَّةٍ كلاميةٍ فقط بينَهُ وبينَ المجنيِّ عليه، مُضيفًا بوجودِ خلافاتٍ سابقةٍ بينَهُما بسببِ العملِ، وعلى هذا أمرتِ النيابةُ العامةُ بحبسِهِ أربعةَ احتياطيًّا على ذمةِ التحقيقاتِ، وطلبتْ تحرياتِ جهةِ البحثِ حولَ الواقعةِ، وجارٍ استكمالُ التحقيقاتِ.
في تقديري سوف يتم توجية اتهام للجاني بارتكاب جنابة شروع في قتل أستاذه، وقد تصل عقوبته إلى السجن المؤبد .
وقد عرفت المادة 45 من قانون العقوبات الشروع بأنه «....البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها. ولا يعتبر شروعاً في الجناية أو الجنحة مجرد العزم على ارتكابها ولا الأعمال التحضيرية لذلك».
ويتضح من هذا النص أن الشروع هو جريمة ناقصة، بسبب تخلف بعض عناصر الركن المادي في الجريمة، وهو النتيجة الإجرامية. أي أن الشروع يفترض توافر كل عناصر الجريمة التامة فيما عدا النتيجة. فنكون بصدد الشروع إذا اقترف الجاني الفعل الذي أراد به تحقيق النتيجة ولكن فعلـه لم يفض إليها.
الشروع بوجه عام نموذج خاص لجريمة تتخلف نتيجتها، أو سلوك غير مفض إلى النهاية التي كان الجاني يسعى إلى بلوغها، متى كان عدم تحقق تلك النتيجة راجعاً إلى سبب غير إرادي. فالجاني في هذه الجريمة قطع شوطاً ملموساً على طريق إتمام جريمته، ولكن ذلك الإتمام لم يحدث لسبب خارج عن إرادته: فحاول المتهم إطلاق الرصاص على أستاذه بقصد قتله فحدث عطل في سلاحه الذي أعده فيمنعه من إطلاق الرصاصة، ولان المتهم مصمم على الاجهاز على المجني عليه ضربه بالسلاح في راْسه وهو مكان قاتل ولَم يمت، يعد المتهم قد استوفى بنشاطه نموذج الشروع في جريمة القتل المستهدفة أصلاً والتي حال دون تمامها عامل بعيد عن إرادة الجاني لولاه لتحققت النتيجة.
وتقوم جريمة الشروع على توافر عناصر رئيسية، وذلك وفقاً لنص المادة 45 من قانون العقوبات، وهي:
- الركن المادي له صورتان
١- البدء في التنفيذ
لا مجال للشروع في الجريمة إلا إذا قطع الجاني، على طريق الجريمة، مسافة يمكن معها القول بأنه قد بدأ في تنفيذ مشروعه الإجرامي. والبدء في تنفيذ الجاني لجريمته تحقق بالفعل في الجريمة الماثلة.
٢- عدم تمام الجريمة لسبب غير إرادي.
يفترض النموذج النموذج القانوني الشروع ليس فقط تخلف النتيجة الإجرامية التي كان الجاني يسعي إليها، وإنما كذلك أن يكون التخلف راجعًا إلى أسباب خارجة عن إرادته. أي أن علاقة السببية قد انتفت بين الفعل والنتيجة.
ويتساءل البعض ما الفرق بين تمام الجريمة والشروع فيها ؟
من البديهي أن مجال الشروع ينحصر في الحالات التي يتوقف فيها نشاط الجاني أو يستنفد فيخيب أثره قبل تمام الجريمة بتحقق نتيجتها الإجرامية: فإذا وقعت هذه الأخيرة على أثر فعله سئل الجاني عن جريمة تامة وليس عن مجرد شروع فيها. وتطبقًا لذلك، لا تتم جريمة القتل إلا بتحقق نتيجتها عدم تحقق تلك النتيجة كان راجعاً لفعل غير إداري للجاني تظل الجريمة في حالة شروع.
- القصد الجنائي
يعد القصد الجنائي (الركن المعنوي) الذي يفترضه الشروع. وفق صريح نص المادة (45) من قانون العقوبات وهو يتطلب أن يكون الجاني قد أرتكب الفعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة معينة في صورة تامة. وان جوهر القصد الجنائي في الشروع هو الإرادة الآثمة المتجهة إلى إحداث النتيجة الإجرامية التي تخلفت لسبب غير اختياري، وهي ذات الإرادة التي يلزم توافرها لقيام الجريمة التامة: فالإرادة متجهة في الحالتين نحو إتمام الجريمة، بغض النظر عن عدم تحقق النتيجة المقصودة في الشروع.
ويلزم أن يتوافر في القصد الجنائي في الشروع عنصران: اتجاه الإرادة إلى إتمام الجريمة من ناحية، واتجاهها إلى ارتكاب جريمة معينة من ناحية أخرى.
ويتطلب القانون المصري لقيام الشروع اتجاه القصد الجنائي إلى ارتكاب جناية أو جنحة، وأنه لا فرق بين الشروع والجريمة التامة من حيث الركن المعنوي ، فالقصد الجنائي يتوافر في الشروع على نفس النحو الذي يتوافر به في الجريمة التامة ، بدليل أن المشرع تطلب من بين اركان الشروع "قصد ارتکاب جناية أو جنحة.
فلا شروع في المخالفات، لضآلة المصلحة المحمية في هذا الفرض، لا شروع في الجرائم غير العمدية، وهي التي يتخذ الركن المعنوي فيها صورة الخطأ غير العمدي: حيث لا تتجه الإرادة إلى إحداث النتيجة الإجرامية، ومن ثم لا يتصور الشروع فيها، مهما كانت خطورة الفعل على المصلحة محل الحماية الجنائية.