محرر الأقباط متحدون
استقبل البابا فرنسيس ظهر اليوم الخميس في الفاتيكان المشاركين في أعمال الجمعية العامة السادسة والتسعين لـ"تجمع المؤسسات لمساعدة الكنائس الشرقية" ROACO.
وجه البابا لضيوفه خطاباً استهله معرباً عن سروره للقاء الحاضرين في ختام أعمال جمعيتهم العامة، وخص بالتحية رئيس الأساقفة كلاوديو غوجيروتي والمسؤولين عن مجمع الكنائس الشرقية، وحيا أيضا الممثلين عن الوكالات التي تقدم المساعدة السخية لهذا التجمع، ولفت في هذا السياق إلى أن السخاء التعاضدي يشكل غالباً الوسيلة الوحيدة في التعامل مع أوضاع الظلم والألم التي يعاني منها الكثير من البشر. وشكر الحاضرين على الجهود التي يقومون بها من أجل تضميد الجراح والتي هي بمثابة لمسة على وجه من يتألم، هذه اللمسة التي تعيد الرجاء وسط الصراعات الصاخبة.
بعدها ذكّر البابا بأن مخطط الله للإنسان هو مخطط سلام وأخوة وتوافق بين الجميع، هذا المخطط الذي يدعو البشر إلى وقف الاقتتال فيما بينهم، وإلى توحيد الجهود في التصدي للجوع والأمراض. إن الكتاب المقدس يحدثنا عن مخططات السلام التي شاءها الله، وهو يحدثنا أيضا عن عنف الإنسان ضد أخيه الإنسان، يحدثنا عن قايين وهابيل وعن قتل شخص بريء. ومع ذلك طرد الله قايين ومنع الناس من قتله، وكان هذا بمثابة أول عمل من العدالة والرحمة. ويتعين علينا نحن المسيحيين أن نصغي إلى كلمة الله المقدسة بقلب منفتح، كي تنيرنا وتقودنا في مخطط الله الرحوم، الذي يريد أن يعانق ويخلص كل إنسان.
هذا ثم انتقل البابا إلى الحديث عن الجمعية العامة لتجمع ROACO وقال إن النقاشات تمحورت حول تطلعات شبيبة الكنائس الشرقية. وسلط الضوء في هذا السياق على أهمية الإصغاء إلى رغبات هؤلاء الشبان وتطلعاتهم، موضحا أنهم يريدون أن يلعبوا دور الريادة لصالح الخير العام، الذي ينبغي أن يكون البوصلة الموجِّهة للنشاط الاجتماعي. ولفت فرنسيس إلى أن هؤلاء الشبان يعيشون في أرض يعتمد فيها البقاء على تحقيق الخير العام، وشجعهم على أن يكونوا حراساً للسلام، وأنبياءً يحلمون ويبشرون بعالم مختلف لا يعرف الانقسامات.
تابع البابا كلمته متوقفاً عند الإرشاد الرسولي للبابا بندكتس السادس عشر "الكنيسة في الشرق الأوسط"، لافتا إلى أن تجمع رواكو نظم مؤخراً في قبرص مؤتمراً لمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لصدور هذا الإرشاد والذي حثّ فيه البابا الراحل الشبان على تنمية الصداقة الحقيقية مع الرب يسوع من خلال قوة الصلاة. وسلط فرنسيس في هذا السياق الضوء على أهمية الصلاة والإيمان بالرب الذي وهب حياته من أجل الأخوة. وأكد أن الانطلاق من محبة المصلوب والقائم من الموت يحررنا من الأعمال الخيرية التي يُنظر إليها على أنها مهنة ترتكز إلى حسابات معينة وحتى إلى مصالح سياسية. إن الصليب الذي هو مشاركة الله في آلام البشرية يدل المسيحيين، وبنوع خاص الشبان، على شجاعة الشهادة، والقوة اللازمة لتخطي الفردانية واللامبالاة السائدتين اليوم، ولنشر الرأفة التي تُظهر لنا محبة الله المنغمس تماماً في معاناة الإنسان.
بعدها أكد الحبر الأعظم أن ضيوفه يعملون في أرض قاحلة تعاني من الألم، ساعين إلى زرع بذور الأمل والرجاء. وقال إنه يفكر بالجهود التي بذلها التجمع مؤخراً من أجل تضميد الجراح التي سببها الزلزال المدمر في تركيا وسورية وسط جماعات تعاني يومياً من آلام كثيرة. وعبر عن أمله بأن يستمر التضامن مع سكان البلدين، لافتا إلى أن وعوداً كثيرة قُطعت وثمة صعوبة في استخدام التحويلات المصرفية لإيصال المعونات إلى الجهات المستفيدة. ووجه فرنسيس أيضا كلمة شكر إلى ضيوفه على جهودهم الهادفة إلى مساعدة أوكرانيا ودعم المهجرين والنازحين. وذكّر بأنه ضم جهوده إلى جهود تجمع رواكو مطلقاً مبادرة بعنوان "البابا من أجل أوكرانيا"، بالإضافة إلى مبادرات أخرى مماثلة. وشجع في هذا السياق الجميع على أن يكونوا قريبين من هذا الشعب المتألم بواسطة الصلاة وأعمال المحبة.
في ختام كلمته ذكّر البابا بأن الجمعية العامة التي اختُتمت للتو صبت الاهتمام على الأرض المقدسة والشرق الأوسط، كما هو معتاد، مع إيلاء اهتمام أيضا بمشاريع المساعدة في إيران، تركيا وإرتريا. وتمنى أن تحظى الكنوز البشرية والطبيعية الكبيرة التي وهبها الله لتلك الأراضي الجميلة بالاهتمام اللازم وأن ينعم سكانها بشيء من الطمأنينة. هذا ثم عبر فرنسيس مجددا عن امتنانه للجهود التي يبذلها ضيوفه، ومنح الجميع بركاته الرسولية طالباً منهم أن يصلوا من أجله.