ياسر أيوب
رغم جنونها وفوضويتها وقسوتها أحيانًا.. تحتاج كرة القدم بين وقت وآخر لقليل من الرومانسية.. وكانت سان مارينو هى التى منحت كرة القدم رومانسيتها رغم أنها الدولة الأخيرة فى تصنيف فيفا لبلدان العالم، حيث تحتل المركز 211.
فهى الدولة الوحيدة التى يشجع منتخبها كثيرون من خارج أهلها تعاطفًا وتضامنًا مع فريق أبدًا لا يفوز.. ودولة وحيدة أيضًا يؤكد أهلها أن تشجيع منتخبهم يحتاج الكثير جدًّا من الحب والصبر وتعاطى الحياة بمرح حقيقى وتفاؤل زائف.. فمنذ أن اعترف فيفا والاتحاد الأوروبى لكرة القدم بسان مارينو فى 1990.. لعب منتخبها 195 مباراة رسمية.
خسر منها 186 وتعادل فى 8 ولم يَفُزْ إلا بمباراة وحيدة كانت أمام ليشنشتاين فى 2004.. فى مشواره الكروى لم يحرز منتخب سان مارينو إلا 28 هدفًا فقط، بينما استقبل مرماه 802 هدف، آخرها كانت ثلاثة أهداف فازت بها كازاخستان على سان مارينو يوم الجمعة الماضى فى تصفيات أمم أوروبا 2024.. وكانت هذه هى المباراة الرابعة لسان مارينو فى التصفيات، وفى الأربع مباريات لم تَفُزْ أو تتعادل سان مارينو ولم تحرز أى هدف.
وكل هذه النتائج تجعل كرة القدم حالة استثنائية فى دولة استثنائية للغاية.. فهى خامس أصغر دولة فى العالم.. سكانها 33 ألف نسمة، ومساحتها 61 كيلومترًا مربعًا كلها داخل شمال شرق إيطاليا.. ولا تملك سان مارينو مطارًا خاصًّا بها، وتستعين بمطار مدينة ريمينى فى إيطاليا.. وهى ليست عضوًا فى الاتحاد الأوروبى، لكن تم السماح لها باستخدام اليورو عملة رسمية لها.
وسان مارينو مع أندورا دولتان وحيدتان فى العالم يزيد فيهما عدد السيارات عن عدد السكان.. وهى من الدول القليلة جدًّا التى كانت فى الحرب العالمية الثانية على الحياد رغم أنها داخل إيطاليا، ورغم ذلك احتلها الألمان فى العام الأخير للحرب، وتم طردهم فى معركة سان مارينو الشهيرة.
وانضمت سان مارينو إلى الأمم المتحدة فى 1992. وعلى الرغم من تأسيس اتحاد سان مارينو لكرة القدم فى 1931، فإنها لم تملك منتخبًا كرويًّا إلا فى 1986. وخسرت أول مباراة لها فى تصفيات أمم أوروبا 1992 أمام سويسرا بأربعة أهداف.. وخسرت أول مباراة فى تصفيات مونديال 1994 أمام النرويج بعشرة أهداف.. وقد خسر منتخب سان مارينو بستة أهداف أو أكثر فى 49 مباراة.
لكن الخسارة الكبرى كانت أمام ألمانيا بـ13 هدفًا.. وقال لاعبو سان مارينو إن الألمان كانوا ينتقمون من إيطاليا ونسوا أنها سان مارينو وليست إيطاليا.. فالمباراة كانت بعد خسارة ألمانيا أمام إيطاليا فيما قبل نهائى مونديال 2006.
ورغم كل هذه الخسائر، لا يزال الناس فى سان مارينو يحبون كرة القدم، لدرجة أن البعض يؤكد أنها إحدى أكثر الحكايات رومانسية فى تاريخ كرة القدم.. ويقول أهلها إن الانتصار أو النجاح ليس شرطًا لأن يكبر ويدوم الحب، الذى لا يعرف مثل هذه الشروط والمحاذير.
نقلا عن المصري اليوم