قبل سنوات طويلة من سيطرة التطور التكنولوجى كانت العلاقة بين الآباء والأبناء مختلفة، تجمعات العائلة كانت مقدسة، والحديث بين الكبار والصغار كان فرضاً من فروض الأسرة، لكن مع التطوير المتواصل فى التكنولوجيا وانتشار الهواتف والأجهزة الإلكترونية بين الكبار والصغار، تراجعت أهمية تجمعات الأسرة، وأصبحت الحياة روتينية، وأصبح التباعد هو الأثر الأول للتكنولوجيا الحديثة على تكوين الأسرة وائتلافها، ما تسبب فى اتساع الفجوة بينهم وظهور الصراعات.

الدكتورة داليا الحزاوى، الخبير التربوى، مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، أكدت أن الأمر لم يتوقف على وجود فجوة بين أفراد الأسرة وغياب لغة الحوار، لكن أيضاً أغلبية الأمهات والآباء يقضون وقتاً طويلاً على الإنترنت ولا يعلمون شيئاً عن سلوك وأفكار وأفعال أبنائهم، وأصبح الإنترنت مصدراً لهم للحصول على المعلومة بدلاً من الوالدين وهنا تظهر الخطورة فى احتمالية أن تكون المعلومات مغلوطة أو غير متناسبة مع القيم والعادات والثوابت الدينية.

وقالت «داليا» لـ«الوطن»، إن للإنترنت أثراً سلبياً على العلاقة الأسرية والزوجية بعد ظهور التريندات التى تؤثر على العلاقة الزوجية، والتى يستمع إليها الزوج أو الزوجة، وبحسب «الحزاوى»: «فى الفترة الحالية بسبب السوشيال ميديا تزيد الخلافات بين الزوجين لأن كل واحد مشغول بتفاصيل ممكن تؤثر على الود بينهما، والغالبية مش بيفكر فى الأولاد والأبناء»، وهنا يجب أن يفهم الطرفان أن العلاقة الزوجية علاقة مودة وسكن وعلاقة تكاملية، تجمع أفراد العائلة.

وأضافت: من المهم أن يجد الزوجان حلاً لإعادة روابط العلاقات الأسرية وسد الفجوة التى سببتها وسائل التكنولوجيا المختلفة، كما يجب أن تُعقد جلسات مناقشة ودية عند وجود مشكلة ما أو قرار مؤثر على الأسرة يحتاج إلى معرفة آراء أفراد العائلة فيه، ليستعرض كل طرف من أفراد الأسرة مبرراته بحرية ويتم الاستماع إلى مختلف الأفكار، وتحديد نشاطات محببة لكل أفراد الأُسرة للتجمع حولها يومياً، وتؤخذ إجازات من وسائل الاتصال والتوجه للسفر والتجمع العائلى لقضاء أوقات جميلة.

«صفاء»: يسبب تشوهات العمود الفقري واختلال النوم والنمو
وعن تنشئة الطفل فى ظل الانتشار الواسع للتكنولوجيا، قالت الدكتورة صفاء محمود حمودة، أستاذ مساعد الطب النفسى بطب الأزهر، إن من المهم أن نعطى الطفل وقتاً لاستعمال التكنولوجيا ولا يبقى مفتوحاً، لكن يكون هناك أنشطة تمارسها الأسرة معاً، مع الحرص على تخصيص وقت للجلوس معاً والاستماع إلى الطفل، بعيداً عن الأجهزة مع الانتباه للطفل أثناء حديثه، وكل ذلك بعيداً عن التكنولوجيا، كما ينبغى أن يحدد الأهل سناً مناسبة لدخول ابنهم على الإنترنت، وخلال الجلوس فى المنزل يجب أن ينصح الأهل الطفل أن يمارس الألعاب مع أشقائه وليس على الإنترنت، أو فى الشارع مع الحرص على متابعة المحتوى الذى يتبعونه.

وحذرت «صفاء» من الأمراض المحتملة للصغار نتيجة ارتباطهم بالتكنولوجيا، إذ يعانى الصغار من مجموعة من الأمراض بسبب كثرة استخدام الإنترنت، منها التأثير على دورة النوم التى تتحول من الليل إلى النهار والعكس، ما يؤثر على عمل هرمون النمو الذى ينشط بشكل أكبر فى النوم ليلاً: «المفروض أن هرمون النوم ينشط خلال نومهم بالليل، وبيعمل قلق فى النوم عند التعرض لأشعة الهاتف».

وقالت إن الأطفال يتعرضون لحالة من الانعزال بسبب التواصل مع أشخاص أونلاين واللعب معهم، لكنهم على العكس يفقدون التواصل الاجتماعى: «مجرد خيالات ولما بيتحطوا فى مواقف حقيقية ما بيعرفوش يتواصلوا» بجانب القلق والتوتر الشديد بسبب الألعاب والأخبار السريعة والريلز، والوسواس القهرى أو كربة ما بعد الصدمة، إذا تعرضوا إلى التنمر الإلكترونى الذى يسبب قلة الثقة فى نفسهم. كذلك تشوهات العمود الفقرى، ونقص الفيتامينات، وألم فى الرقبة، وأمراض أخرى يتعرض لها الأطفال بسبب فرط استخدام شبكات التواصل الاجتماعى.