محرر الأقباط متحدون
الصحفيون والعاملون في مجال الاتصالات وما يتطلبه عملهم، كان هذا محور كلمة البابا فرنسيس خلال استقباله اليوم السبت وفد جائزة بياجو أنييس الدولية للصحافة.
 
استقبل البابا فرنسيس اليوم السبت وفد جائزة بياجو أنييس الدولية للصحافة. وسلَّم قداسته ضيوفه كلمة أعدها لهذا اللقاء رحب في بدايتها بمن يعملون بأشكال مختلفة في مجال الاتصالات ثم ذكَّر بأن المؤسسة التي تمنح هذه الجائزة الدولية في مجال الصحافة والإعلام تحمل اسم الصحفي الإيطالي المعروف بياجو أنييس والذي كان له دور كبير في التلفزيون الإيطالي راي مدافعا عن هذه الخدمة الإعلامية العامة، هذا إلى جانب عمل هذا الصحفي بحكمة وعزم من أجل ضمان إعلام حقيقي وسليم، حسب ما كتب البابا.   
 
وفي حديثه عن الجائزة أشار البابا فرنسيس إلى أنها تبلغ دورتها الخامسة عشرة مضيفا أن هذه الفترة الزمنية تعكس التغيرات الكبيرة والتي لا تزال تحدث كما وتوفر هذه السنوات إمكانية وضع أساس لأسلوب جديد يُعتبر الصحفي بياجو أنييس أحد ملهميه. وتابع الأب الأقدس معربا عن قراءته لدعم التلفزيون الإيطالي لهذه الجائزة الصحفية في هذا الإطار تحديدا، مشيرا أيضا إلى قرب اتحاد الشركات الإيطالية منذ سنوات من الجائزة، وأضاف أنه فقط معا كلٌّ بميزاته ومهامه يمكن وضع أفق رجاء.
 
ثم تحدث الأب الأقدس عن العمل الصحفي مشيرا إلى أن الصحفيين مدعوون إلى قطع المسافات في الدروب الرقمية في إصغاء دائم لمن يلتقون من أشخاص. وتابع البابا فرنسيس أن الصحافة وباعتبارها سردا للواقع تتطلب القدرة على التوجه إلى حيثما لا يتوجه أحد، تستدعي التحرك والرغبة في الرؤية، الفضول والانفتاح والشغف. وتوقف قداسته أيضا عند ما يتطلبه هذا العمل، ومثلما تذكر أيضا لجنة الجائزة في حيثيات اختيار الفائزين بجائزة مراسلي الحرب، من اهتمام بسرد مآسي ولا عقلانية النزاعات بشكل يجعل الجميع يشعرون بأنهم جزء من المعاناة ذاتها.
 
هذا وأراد البابا فرنسيس التأمل في ثلاثة عناصر للعمل الصحفي يقل استخدامها ربما، قال قداسته، لكن لديها الكثير مما يمكن أن تعلِّمنا إياه، ألا وهي: الدفتر والقلم والنظرة. وفي حديثه عن العنصر الأول، الدفتر، ذكر البابا إن تدوين حدثٍ ما يقود دائما إلى عمل داخلي كبير، فمَن يدوِّن شيئا يكون شاهدا مباشرا عليه أو مصدرا له يعتبر نفسه بتمتع بمصداقية فينقله مع الانفتاح على التأكد والتحقق منه. وتابع البابا فرنسيس أن الدفتر يُذكِّرنا بأهمية الإصغاء، وفي المقام الأول بأهمية جعل ما يحدث يخترقنا. وأضاف قداسته أن الصحفي هو شخص اختار أن يعيش الأحداث بمشاركة وشغف.
 
العنصر الثاني، القلم، يقل استخدامه بشكل متواصل، قال البابا فرنسيس، حيث يتم الاستعاضة عنه بأدوات أكثر تطورا، إلا أنه يساعد على التعمق في الفكر من خلال الربط بين العقل واليدين، يدعم الذكريات ويربط الذاكرة بالحاضر. كما وأشار الأب الأقدس إلى أن القلم يُذكِّرنا بالعمال الحرفي الذي يُدعى إليه الصحفي الذي عليه الإمساك بالقلم عقب التحقق من التفاصيل وتقييم الاحتمالات والتأكد من كل الأحداث. وهنا يعمل معا الفطنة والضمير، قال البابا، وأضاف أن القلم هو إشارة إلى الفعل الإبداعي في عمل الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، عمل يتطلب الجمع بين البحث عن الحقيقة باستقامة واحترام الأشخاص، وبشكل خاص احترام أخلاقيات المهنة مثلما فعل بياجو أنييس الذي تحمل الجائزة الصحفية اسمه.
 
وفي حديثه عن العنصر الثالث، النظرة، قال البابا فرنسيس في كلمته إن الدفتر والقلم يصبحان مجرد أدوات ثانوية إن غابت النظرة إلى الواقع، نظرة حقيقية لا افتراضية فقط، أضاف قداسته. توقف البابا أيضا عند الكلمات والصور والرسائل التي تلهينا اليوم بشكل لم نشهده من قبل وتُلوث حياتنا، ولفت الأنظار على سبيل المثال إلى الانباء الزائفة واللغة العدوانية وكل ما يتلاعب بالحقيقة. تحدث البابا فرنسيس بالتالي عن الحاجة إلى نظرة متنبهة إلى ما يحدث، وذلك من أجل نزع سلاح اللغة المستخدمة ودعم الحوار. وعلى هذه النظرة أن تكون منطلقة من القلب والذي منه تنطلق الكلمات الصحيحة لإزالة ظلال عالم منغلق ومنقسم ومن أجل بناء حضارة أفضل من تلك التي تلقيناها. وشدد الأب الأقدس على أن هذا جهد مطلوب من كل منا إلا أنه يشير بشكل خاص إلى حس المسؤولية لدى العاملين في مجال الاتصالات وذلك كي يقوموا بعملهم باعتباره رسالة.
 
ثم ختم البابا فرنسيس الحديث الذي أعده لمناسبة استقباله أعضاء وفد جائزة بياجو أنييس الصحفية الدولية مشجعا إياهم على مواصلة الالتزام بإطلاق مبادرات ثقافية لدعم نشر إعلام صحيح وتربية وتكوين الأجيال الشابة. ثم شكر قداسته الجميع مهنئا الفائزين بالجائزة سائلا ضيوفه الصلاة من أجله.