بقلم: نادر فوزي
تتوالى الأحداث منذ قيام ثورة يناير، وركوب الإسلاميين الثورة،
نحو تفريغ مصر من أقباطها، وهو الهدف الأساسي للتيارات الإسلامية المتعددة، ولقد أخذ هذا الهدف أشكالاً كثيرة في محاولة تطبيقه.. كان أولها وأهمها إرهاب الأقباط في معيشتهم ورزقهم؛ مما دفع بالعديد من رجال الأعمال الأقباط إلى تصفية أعمالهم، والهجرة خارج مصر، كما دفعت العائلات المصرية الغالي والرخيص لمحاولة الحصول على أية فيزا؛ للخروج والهروب من جحيم التيارات الإسلامية.. وأصبح الشغل الشاغل لأي قبطي "كيف أهرب من هذا الجحيم؟".

ثانى تلك الوسائل، كان العقاب الجماعي للأقباط، والتهجير القسري في اكثر من خمس مناسبات مختلفة، وهي تبدأ عادة بمحاولة إيجاد خطأ لأحد الأقباط في منطقة معينة، ثم تتجمع "اللحى"، ويقرر "أمير الجماعة"، أو شيخ الجامع، أن الكفرة لابد من أن يتركوا ديارهم وأعمالهم وأراضيهم، ويطردوا خارج مساكنهم، خصوصًا في عدم وجود شرطة، أو قانون في مصر، وفي ظل حكم "مرشد الإخوان"! هذا التهجير يسبب الذعر للجميع؛ مما يدفعهم أكثر للهروب بجلدهم لخارج مصر.

ثالث تلك الوسائل، هو خطف البنات القبطيات، والاعتداء جنسيًّا عليهم، وإجبارهم على الأسلمة الإجبارية، ووصلت البجاحة إلى حد الإعلان عن خطف البنت ذات الأربع عشرة عامًا، وتزويجها، والإعلان أنها وصلت سن البلوغ، ضاربين بالقانون المصري عرض الحائط، وهو الذي يمنع سن الزواج قبل بلوغ الثامنة عشر، وأن الفتاة قاصر، ولابد أن تُسلم إلى أهلها؛ مما جعل كل العائلات القبطية في حالة خوف وهلع على فتياتهم الصغار!

رابع تلك الوسائل، هو "ازدراء الإسلام"، وهو السيف المسلط على رقبة كل الأقباط بلا استثناء.. وهذا الأمر وحدة كاف أن يُلصق تهمة "ازدراء الإسلام" بكل أقباط مصر، بل وصل الأمر للقبض على الأطفال دون سن العاشرة بهذه التهمة التي ليس لها نظير في أى مكان آخر في العالم!

أخيرًا تهمة إسقاط الجنسية المصرية عن أقباط المهجر، وهي تهمة مستحدثة لم تكن في قاموس مصر سابقا.. وهو سيف آخر مسلط على أقباط المهجر.. فلو حاول أي منهم أن يتحرك أو يتحدث أو حتى يفكر، تكون التهمة جاهزة، وبعض المحامين يتسابقون على تقديم البلاغات للنائب العام، وهو بدوره يريد إرضاء المتطرفين الإسلاميين، فيُرسل القضية للمحكمة، والتي عادة ما تنزع الجنسية عن أقباط المهجر..
والذى أود أن أقوله هنا إن الجنسية المصرية ليست في جواز السفر المصري عديم القيمة.. فهو الجواز الوحيد الذي لا يُعطب حامله أي حماية خارج مصر، ومَن يحمله يُعامل بالازدراء من كل الدول، ولابد من الحصول على "فيزة" لدخول كل دول العالم.

إن الجنسية المصرية وشعور داخل الإنسان بانتمائه لتلك الأرض، هو شعور يجري في دم الأقباط فقط، فلسنا الذين قالوا "طظ" في مصر كمرشد الإخوان السابق.. ولسنا الذين سمحنا بانتهاك حرمة البلد من جماعات الإرهاب الإسلامي كحماس وغيرها، خصوصًًا وأن الأقباط أكثر المِصريين حرصًا على سلامة أراضي مصر..

وأقول هذا بمناسبة أحدث "نكتة" حدثت، أمس، وهي أن اثنين من أقباط كندا فكروا مجرد تفكير في تدويل قضية "شهداء ماسبيرو"، ولم يفعلوا بعد أي شيء على أرض الواقع، وفوجئنا بأن مجموعة من مرتزقي المحاكم سارعوا بتقديم بلاغ للنائب العام بنزع الجنسية المصرية عنهم!

يحاسبون أقباط المهجر الآن على التفكير وليس العمل.. إنها حقيقة مهزلة بكل المقاييس، وطبعًا سيتم وضع أسمائهم على قائمة الانتظار بتهمة التفكير.

أخشى أن يؤدي هذا الضغط إلى حرب أهلية وشيكة، ولحظتها ستضيع مصر للأبد، ولن يكون الأقباط لقمة سائغة في فم الإسلاميين، ولن يتمكن الإسلاميون من القضاء على الأقباط، ولكنهم سينجحون في القضاء على مصر.. مجرد صرخة تحذير.. فهل من مستمع؟!