احذر من الوقوع في فخ ازدراء الأديان..صفحات مخصصة لتوريط وتأجيج المشاعر الدينية..كن حكيمًا
نادر شكري
حالة وظاهرةخلال الفترة الأخيرة تدعو للخوف واليقظة في نفس الوقت، بعد تزايد وتيرة التحريض على أساس ديني، وإشعال مواقع التواصل الاجتماعي، بقضايا ازدراء الأديان، تقوم على جانب واحد بتدشين صفحات مفبركة لتوريط الأقباط في حوار دينيبأن تقوم هذه الصفحاتبالإساءة للمسيحية واستفزاز الآخر القبطي الذي يتحاور معه على الخاص، ليخرج الطرف الآخر بتحقيق هدفه إسقاط القبطي في فخ الخطأ، ثم يقوم بعمل "برنت سكرين"، لرد القبطي الذي يسيء فيها للدين الإسلامي، ويقوم بنشره على العام.
وفي لحظة نجد مئات الصفحات تنطلق خلفه، بإشعال الأوضاع، ومطالبة بقتل القبطي، ويتم نشر بيانات الشاب القبطي وأسرته وعناوين منازلهم، في جريمة تحريض مكتملة الأركان، وتبدأ قنوات الإخوان في استغلال الامر، لتحقيق أهدافها بإشعال الأوضاع قبل الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو.
•أمر مخطط
ولأن الأمر مخططًا وممنهجًا فنجد العديد من الصفحات ترتكب نفس الأمر مع آخرين، وربما يتم نشر محادثة قديمة بين اثنين، باعتبار أنها إساءة جديدة للدين الإسلامي، وهو ما يجعل الأمر خطيرًا ويحتاج لوقفة،وليس هذا فقط، فنجد شابًا ينتحل صفة راهب ويبث فيديوهات تسيء للمسيحية وتقديم صورة مغلوطة، بحجة أنه راهب وهو يرد على رواد التواصل الاجتماعي بأبشع الشتائم، وقد تبرأت الكنيسة منهوطالبت باتخاذ إجراء ضده، ولكن مازالت صفحاته المتعددة كما هي دون اتخاذ موقف ضده، كما جاء رد الأقباط بأن قانون ازدراء الأديان لا يطبق إلا على الأقباط فقط وأن هناك عشرات الصفحات التي تكتظ بإهانات لهم دون اتخاذ موقف، واستشهد البعض بأن الشيخ مبروك عطية الذي أهان المسيح على الهواء، كان الحكم عليه ب 1000 جنيه غرامة، على العكس عندما يكون المتهم قبطيًا فيحكم بثلاث سنوات حبس على الأقل.
•إحراق الوطن
ومما يؤكد أنالأمر يستهدف إحراق الوطن، قيام البعض بتدشين صفحات مفبركة تحمل أسماء وهمية ولكن مع صور لضباط شرطة، وتقوم الصفحات بالتحريض على الأقباط، لنصرة الدين، وبالتواصل مع أصحاب الصور من الضباط، تم اكتشاف أنها ليست صفحاتهم ولا يمكن لأي ضابط شرطة أن يكتب رأيًا أو حتى ينشر صورة بملابسه الرسمية، ورغم هذا فحتى الآن هذه الصفحات مازالت مفتوحة، ومما يؤكد أنها مؤامرة مدبرة فكانت المفاجأة أن صورة الضابط هو مسيحي ولكن باسم الهواري، وهو ما يعني محاولة واضحة لإشعال الأوضاع.
•صفحات مفبركة
كما ظهرت صفحات مفبركة تحمل إساءات للدين المسيحي مثل "معاذ عليان" وعبد الرحمن عوض، وهو ما جعل الأقباط يثورون حول ترك هؤلاء دون حساب، في الوقت الذى يتم مطالبة محاسبة بعض الشباب القبطي بتهمة الإساءة للإسلام، رغم أنه جاء كرد فعل لشباب، قام باستفزازه حتى يقع في فخ الخطأ، ودون شك أن المساس بأي عقيدة هو أمر مرفوض، وأنه يجب احترام جميع العقائد، ورفض المساس بها، وبالتحري تم رصد صفحات تحمل أسماءً مسيحية تسيء للإسلام وبالتحري وجد أنها مفبركة الهدف منها إشعال الأوضاع، وتأجيج مشاعر الجميع، دون التأكد من صحة الأخبار.
ولكن ما يحدث في هذه الأيام من تحول مواقع التواصل الاجتماعي لسجال ديني يصل، للمساس بالقيم الدينية، يؤكد أن مصر تتعرض لاستهداف واضح من قبل تيارات تريد تأجيج المشاعر الدينية، وليس من المعقول وفي خلال أيام قليلة نجد هذه الحالات وكان أخرها طالب بالمرحلة الثانوية الذي كان يرد على آخر، يهين المسيحية، فرد الطالب بإهانات مماثلة،في أمر مرفوض دون شك، ولكن الذي يكشف حقيقة المؤامرة أنه خلال ساعات قليلة تحولت المواقع من كتائب هذه التيارات لحملات من التحريض، وتم نشر عنوان الطالب، وخرج المئات ليتبرعوا بقتله وانتظاره أمام المدرسة أثناء تأدية امتحان الثانوية العامة لقتله، وتم نشر عنوان المدرسة، ما دفع الطالب لمغادرة منزله لمحافظة أخرى، وهو ما يعني عدم استكمال امتحانات الثانوية العامة هذا العام.
•الحرب على الوطن
الحقيقة أن مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت تمثل خطر حقيقي على مستقبل المواطنة، في ظل استغلال صفحات كثيرة لهدم رصيد التعايش المشترك واستغلال الأوضاع الاقتصادية السيئة، وتصفية الحسابات مع النظام الحالي من قبل التيارات المتطرفة لإشعال الأوضاع، وهي تعلم أن ورقة الدين هي الأسهل لتحقيق أهدافها التي تريد النيل من سلامة الوطن.
وأمام ما يحدث الآن وسط صمت تام لصد هذه الحملات التي تستهدف الوطن، علينا جميعًا التأكيد أن الأديان والعقائد لها كل احترام، ولا يجب المساس بها، وأن التطرق لهذه الأمور ليس هدفه سوى إشعال وتأجيج المشاعر الدينية، ولذا يجب الحذر من الوقوع في هذا الفخ من قبل صفحات خصصت لهذا الأمر وهو التوريط في الإساءة للدين، وبالتالي الوقوع في جريمة ازدراء الأديان، ويعرضك وأسرتك للخطر.
•التحلي بالحكمة
والنقطة الأخرى، علينا أن نتحلى بروح الحكمة،في عدم الانصياع وراء هذه الصفحات، وزيادة نشر هذه المواد الضارة بوطننا لاسيما أن أغلبية من يقوم بنشر أو المشاركة بالنشر هو لا يعلم الحقيقة ولكنه يورط نفسه في جريمة التحريض والتشهير دون التأكد من صحة ما ينشر، لأنه ما أسهل أن يتم إنشاء صفحة على الفيسبوك ووضع صورة لشخص وباسمه ونشر أمور مسيئة أو محادثة مسيئة، نشرها ودون معرفة صاحب الشأن، ولكن نجد المواقع تشارك وتطالب بالقتل والتحريض دون معرفة الحقيقة ولذا يجب أن نأخذ بالآية الحكيمة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ".
كما يجب التأكيد أننا في دولة قانون هي من تطبق القانون بعد التحقيق، وليس دولة الغاب الذي يريد كل شخص تطبيق العقاب بيده، كما نؤكد أن خطأ الفرد لا يعني العقاب الجماعي لأسرته أو لقريته، فيجب أن يكون الأمر في حدود القانون، وأن الأولى بالأمر في هذا الشأن هو الحوار والاحتواء لاسيما عندما يكون صغيرًا في العمر، كما إذا ما تم عقابه فيجب عقاب الجميع، عقاب من قام بالفعل واستفزازه وعقاب من نشر على العام، وعقاب من حرض بقتله، وعقاب من نشر بيانات أسرته على العام، وعقاب الجميع،أي لا يكون ازدراء الأديان بدين بعينه فقط ويقتصر العقاب لمن يمسه دون الأديان الأخرى، والأفضل هو إلغاء هذه المادة التي تم استغلالها بشكل سيء ضد أشخاص بعينهم.
•رسالة تحذير
وفي النهاية، علينا جميعا التحلي بالحكمة وعدم المشاركة في نشر هذه الأمور، ورسالة للشباب القبطي عليك الحذر من الخوض في الأمور الدينية أو الرد على أي صفحات مسيئة، لأنه عليك التأكد أنه فخ لك، وهدفه توريطك، وفي حالة الرد يجب الرد بكل احترام دون المساس بالدين، لأن الأديان مقدسة، أو أنك تتجه للقانون لاتخاذ الإجراءات القانونية، لأنه في الحالات السابقة دفع الأقباط ثمنًا باهظًا لهذه الأمور وسط غوغائية المتطرفين التي لا تعطي حتى فرصة وأجواء مناسبة للمحاكمة، ولاشك أن قاعدة استخدام ازدراء الأديان تسير في تجاه واحد هو أمر واضح في القضايا السابقة.
وعلينا التأكد أن مصر في هذه الأيام تتعرض لحملة من التيارات المتطرفة، وتحاول استغلال سوء الأوضاع الاقتصادية لإشعال الأمور، لذا علينا الحفاظ على وطننا وتأكيد مبادئ الحوار وقبول الآخر والتسامح، لأن الأديان جاءت على هذه المبادىء التي نسعى لتطبيقها من أجل حياة أفضل لنا ولوطننا.