محرر الأقباط متحدون
"عندما نُبشِّر، نُبشَّرُ نحن أيضًا. إنَّ الكلمة التي نحملها للآخرين تعود إلينا، لأننا بقدر ما سنُعطي سننال أكثر بكثير" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي بمناسبة الاحتفال بعيد القديسين الرسولين بطرس وبولس

ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان بمناسبة الاحتفال بعيد القديسين الرسولين بطرس وبولس، منح خلاله درع التثبيت عددا من رؤساء الأساقفة الجدد وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة استهلها بالقول نحتفل بعيد بطرس وبولس، رسولان مُغرمان بالرب، وعمودان من أعمدة إيمان الكنيسة. وبينما نتأمل في حياتهما، يأتي إنجيل اليوم للقائنا بالسؤال الذي وجهه يسوع لتلاميذه: "مَن أَنا في قَولِكُم أَنتُم؟". إنّه السؤال الأساسي والأهم: من هو يسوع بالنسبة لي؟ من هو يسوع في حياتي؟ لنرى كيف أجاب الرسولان على هذا السؤال.

تابع البابا فرنسيس يقول يمكن تلخيص إجابة بطرس في كلمة واحدة: الاتِّباع. عاش بطرس في اتباع الرب. وعندما سأل يسوع التلاميذ في ذلك اليوم في قيصرية فيلبُّس، أجاب بطرس باعتراف إيمان جميل: "أَنتَ المَسيحُ ابنُ اللهِ الحَيّ". إجابة لا تشوبها شائبة ودقيقة، يمكننا أن نقول إجابة "تعليم مسيحي" مثالية. لكن هذه الإجابة هي ثمرة مسيرة: وبالتالي بعد أن عاش المغامرة الرائعة المتمثلة في اتباع الرب، وبعد أن سار معه وتبعه لفترة طويلة، وصل بطرس إلى ذلك النضج الروحي الذي قاده، بالنعمة، إلى إعلان إيمان واضح بهذه الدرجة. في الواقع، يخبرنا الإنجيلي متى أن كل شيء قد بدأ في يوم من الأيام، عندما كانَ يسوعُ سائراً على شاطِئِ بَحرِ الجَليل، ودعاه مع أخيه أندراوس، "فتَركا الشِّباكَ مِن ذلك الحينِ وتَبِعاه". ترك بطرس كل شيء لكي يتبع الرب. ويسلِّط الإنجيل الضوء على سرعة بطرس: فهو لم يقُل ليسوع أنه سيفكر في الأمر، ولم يقم بحسابات ليرى ما إذا كان ذلك يناسبه، ولم يقدم أعذارًا لكي يؤجِّل القرار، بل ترك الشباك وتبعه، بدون أن يطلب أية ضمانات مسبقة. كان سيكتشف كل شيء يومًا بعد يوم، في اتباع يسوع والسير خلفه. وبالتالي ليس من باب الصدفة أن الكلمات الأخيرة التي وردت في الأناجيل والتي وجهها إليه يسوع هي: " أما أنت فاتبعني".

أضاف الأب الأقدس يقول لنا بطرس إذن إنه على السؤال "من هو يسوع بالنسبة لي؟" لا يكفي أن نجيب بصيغة عقائدية لا تشوبها شائبة أو حتى بفكرة ثابتة كوَّناها بأنفسنا. لا. وإنما من خلال اتباع الرب نحن نتعلم يوميًّا أن نتعرّف عليه؛ وإذ نصبح تلاميذه ونقبل كلمته، نصبح أصدقاءه ونختبر حبه الذي يحوِّلنا. يتردد لنا نحن أيضًا صدى تلك الإجابة الفوريّة: إذا تمكنا من أن نؤجِّل الكثير من الأشياء في الحياة إلا أنَّه لا يمكننا أن نؤجِّل اتباع يسوع؛ هناك لا يمكننا أن نتردد، ولا يمكننا أن نختلق الأعذار. وعلينا أن نتنبّه لأن بعض الأعذار قد تتحجّب بالروحانية، مثل عندما نقول "أنا لست مستحقًا"، "أنا لست قادرًا"، "ماذا يمكنني أن أفعل؟". هذه حيلة من الشيطان، تسرق منا الثقة في نعمة الله، وتجعلنا نعتقد أن كل شيء يعتمد على قدراتنا.

علينا أن نبتعد عن ضماناتنا الأرضية، فورًا، ونتبع يسوع كل يوم: هذه هي الوصية التي يعطينا إياها اليوم بطرس، ويدعونا لكي نكون كنيسة تتبع المسيح. كنيسة ترغب في أن تكون تلميذةً للرب وأَمَةَ الإنجيل المتواضعة. بهذه الطريقة فقط ستتمكن من أن تتحاور مع الجميع وتصبح مكانًا للمرافقة والقرب والرجاء لرجال ونساء زمننا. بهذه الطريقة فقط، حتى الذين هم بعيدون جدًا وينظرون إلينا غالبًا بارتياب أو لامبالاة سيتمكنون أخيرًا من أن يُعلنوا معترفين، مع البابا بندكتس: "الكنيسة هي مكان اللقاء مع ابن الله الحي، وبالتالي هي مكان اللقاء مع بعضنا البعض".