طلاق تفككت معه الأسرة وانفرطت حبات عقدها وذهبت أدراج الرياح. أم افتقرت إلى مشاعرة الأمومة ومن قبلها الإنسانية، راحت تعذب طفلتها دون هوادة ظنًا بأنها ستقوم سلوكها وستضمن امتثال ذات الـ9 سنوات لأوامرها لكن صدفة كشفت المستور وزجت بها خلف القضبان.
الفصل الأول من الحكاية المأساوية دارت أحداثه داخل كوافير بأرض اللواء بحي العجوزة، وقعت أنظار سيدة عشرينية على امرأة تجاورها طفلة حليقة الرأس بها آثار تعذيب بالرقبة والوجه واليدين.
استمرت السيدة في مراقبة المشهد الصادم لدقائق وعيناها لا تفارق جسد الصغيرة الهزيل وآثار الإصابات جلية عليها حتى قررت الاقتراب أكثر من حقيقة الأمر.
بادرت بسؤال السيدة الخمسينية "بنتك مالها وايه اللي عمل فيها كده؟" دون الحصول على إجابة. لم تكتف السيدة بذلك، وأبلغت مأمور قسم شرطة العجوزة العميد أحمد الدسوقي بالواقعة.
داخل مكتبه بالطابق العلوي للقسم القريب من كورنيش النيل، يجري المقدم حسام العباسي رئيس مباحث العجوزة جولات مكوكية متنقلا بين مواقع الخدمات والتمركزات الأمنية للاطمئنان على الحالة الأمنية بدائرة القسم في أول أيام عيد الأضحى المبارك قبل أن يقطه انهماكه صوت طرق الباب يخبره الشرطي البلاغ الوارد للتو.
توجيه سريع من "العباسي" لمعاونه الرائد أحمد فاروق بفحص البلاغ "الموضوع في حاجة غلط.. لازم نوصل للحقيقة". انطلق تحرك سريع من ضباط المباحث بالتنسيق مع رئيس نقطة أرض اللواء للإجابة عن السؤال الأبرز "ماذا حدث لتلك الطفلة؟".
جهود البحث والتحري التي أشرف عليها العميد هاني شعراوي رئيس مباحث قطاع الشمال كشفت المستور. تبين أن سمسارة عقارات تدعى "إيمان.ج." 43 سنة، اعتادت ضرب ابنتها "كنزي" وحرقها في جسدها بملعقة ساخنة وحلاقة شعرها.
بتقنين الإجراءات، ألقى النقيب مصطفى عبد الستار القبض على الأم واصطحابها للتحقيق. بهدوء وثقة تحسدان عليها شرحت المشكو في حقها أنها انفصلت عن زوجها منذ 7 سنوات "بقيت الأب والأم لـ5 أطفال" مبررة فعلتها "بأدبها علشان مبتسمعش الكلام".
بعيدًا عن فعلة الأم، حرص رجال الشرطة بالقسم على طمأنه الصغيرة ذات التسع سنوات تمهيدًا لعرضها على أحد المستشفيات لإعداد تقرير وافٍ عن حالتها وإرفاقه بالمحضر الذي أحاله اللواء محمد الشرقاوي مدير مباحث الجيزة إلى النيابة العامة.