د. أمير فهمى زخارى المنيا
عارفين يعني ايه " الفاضي يعمل قاضي "
هقولكو أنا يعني ايه!
بصو عارفين الولد العواطلي اللي من غير شغلة ولا مشغلة أهو دة الفاضي اللي من كتر فراغه يدور ع اي حد يتكلم معاه ولو مستجبلوش بيلجأ للكلام عليه ويكمل بالدور بقي وعمل قاضي بكلامه ع الناس ،،،
معني تاني / عارفين الناس اللي عاملين فيها حكام وناس كبيرة وعاقلة بزيادة ومتخذة من الأقوال والحكم وسيلة ف الحكم ع الناس وشغلته أنتقادهم ،،
طب عارفين الناس اللي بتعرف تتكلم وفصيحة شوية وبيستغلوا دة بإنهم بياكلو بعقل الناس حلاوة ومن زنهم بيضطرو الناس يقتنعوا بكلامهم المعسول ،،
ف كل الحالات الاشخاص دي اسمهم فاضيين...
من الآخر... الفاضى الذى ليس عنده عمل ينشغل به، يشغل نفسه بإصدار أحكام على الناس يعنى بيعمل نفسه قاضى. والفاضى أيضا هو الفارغ من القيمة.
ونحن أمام عشرات وربما مئات «الفاضيين» الذين يفتون فى كل القضايا القانونية والقضائية، بأحكام متعارضة ومتعاكسة، أو يفتون فى شؤون السياسة حسب الهوى والمصلحة. يجملون القبيح، ويقبحون الجميل، ولديهم الاستعداد لعمل عجين الفلاحة أو نوم العازب من أجل أن تحن عليهم أى سلطة بمنصب أو مكسب.
ولدينا عشرات ممن عينوا أنفسهم مشايخ يفتون فى شؤون الدين والدنيا بكل ما هو غريب وصادم ومثير للكاميرات.
ومثلهم فى السياسة، ممن عينوا أنفسهم «فاهمين»، ومتحدثين رسميين باسم الشعب والثورة بهدف الاتجار يمارسون التحليل يصدرون أحكاما فى الطريق العام.
يا ترى فيه علاقة بين الفراغ والحكم على الآخر؟
الاجابة ببساطة: نعم.. وبشدة!
رغم إن الفكرة تبدو غريبة، إلا إن العلاقة بين الفراغ والحكم على الآخر علاقة وطيدة، وفي منتهى المباشرة.
الفراغ يجعل الانسان حاسس ان حياته مالهاش معنى ولا قيمة.. وعشان الفاضي يحمي نفسه من الإحساس دا، بيلجأ لطرق كتير يلهي نفسه بيها.. لكنه طبعا مش بيبقى مدرك انه بيتصرف أو بيفكر بالطريقة الفلانية لأنه عاوز يهرب من شعوره بعدم القيمة مثلا.. هو أصلا بيكون حاسس وقتها ان قيمته كبيرة جدا، وإنه أهم مخلوق في الكون!
الحكم على الآخر بيغطي على خناقة الانسان مع ذاته.. كأنه بيغلوش على الزحمة والدوشة اللي جواه بزحمة خارجية كلها ناس تانية وأصوات تانية.. ولأن القاضي مش بس بيحكم بين الناس، دا كمان بيحكم على الناس.. فمستحيل ان الشخص اللي عنده فراغ وحاسس بالفشل إنه يحكم بالعدل!..
هو أصلا بينصّب نفسه قاضي عشان يُسقط على الآخرين أحكامه هو على نفسه، ونظرته السلبية تجاه نفسه.. وعشان كدة بنلاقي ان معظم الناس اللي مزاجهم يحكموا على غيرهم، بيقولوا عليه صفات وعيوب هي فيهم أصلا.
خلاصه القول:
المثل بيقول ان البني ادم الفاضي اللي موراهوش شغلانه يعملها ولا في حاجة تشغله يقعد يشوف بقي غيروا وخناقات الناس وخلافتهم ويعملهم قاضي ويحل ليهم الدنيا ويظبط امورهم، طيب ما كان من باب اولي إنك تشوف حاجة تشغلك غير مشاكل الناس اللي انت قاعد تحلها دي.
يا ترى كام واحد فينا وقت الفراغ بيعمل قاضي؟
يقول الكتاب المقدس:
«أَنْتَ بِلاَ عُذْرٍ أَيُّهَا الإِنْسَانُ، كُلُّ مَنْ يَدِينُ. لأَنَّكَ فِي مَا تَدِينُ غَيْرَكَ تَحْكُمُ عَلَى نَفْسِكَ. لأَنَّكَ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ تَفْعَلُ تِلْكَ الأُمُورَ بِعَيْنِهَا!» (رومية 2: 1).
كما علَّمنا الرب نفسه «لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلاً» (يوحنا 7: 24). وهو فخ نقع فيه جميعًا، عندما ننخدع بالمظهر؛ إيجابًا أو سلبًا، فنصدر الأحكام على الآخرين. وكم فعلنا، وندمنا!
«يَامُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ!» (متى7: 5). فالأجدر بنا أن نحكم على أنفسنا أولاً، ثم نلتفت للآخرين، لا لنحاكمهم، بل لنساعدهم على تصحيح أخطائهم.
محتاجين نكون واعيين أكتر بمشاعرنا وأفكارنا وتصرفاتنا.. محتاجين لما نحس بفراغ نقوم نقلل تركيزنا مع اللي حوالينا، ونبص جوانا أكتر.. لأن الإناء الفارغ مابيتمليش من برة.
والى اللقاء في مقال جديد ... تحياتى..
د. أمير فهمى زخارى المنيا