د. أمير فهمى زخارى المنيا
«عمر أفندي، صيدناوي، عدس، شيكوريل، بنزايون، وباتا».. أسماء تاريخية كبيرة لسلاسل تجارية ارتبطت بها أذهان المصريين لفترة طويلة، ولازالوا يذكرونها، واشتهرت بالشراء منها الطبقات الاجتماعية الراقية والارستقراطية، إذ كان شراء سلعة منها مصدر فخر للكثيرين، لكن الآن غرقت تلك السلاسل في الديون وباعت الحكومة بعضها للقطاع الخاص ثم استردتها مرة آخري، ولاتزال محاولات توفيق أوضاعها وإنقاذها من الخسائر قائمة حتى يومنا هذا.
أستعرض في سياق هذه السطور تاريخ تلك السلاسل التجارية منذ أن كانت ملكا لليهود والشوام المقيمين في مصر، وقصة تأميمها من ثورة يوليو 1952، وما آلت إليه أوضاعها الآن.
= عمر أفندي
تأسست محلات عمر أفندي عام 1865، وكانت تحت اسم «أوروذدى باك» في منطقة شارع عبد العزيز بالقاهرة، كي يلبى احتياجات العاملين من مصر والأجانب أيضًا، وفى عام 1900 افتتحت الشركة أكثر من 60 فرعًا على مستوى مصر، وكان صاحب هذه المحلات يدعى «أودلف أوروذدى»، وكان يعمل ضابطًا بالجيش المجري، وقد سعى وعمل المستحيل كي تصبح محلاته سلسلة محلات.
وأصبح «أوروذدى» في الانتشار وجذب الزبائن بسبب تعادل أسعارها، كما أنها كانت تبيع كل ما يحتاجه المرء من مستلزمات منزلية وأجهزة كهربائية وأقمشة وغيرها، وفى عام 1920 تم بيع «أوروذدى» بكل فروعه لرجل ثري مصري يهودي وقام بتغيير اسم المحل ليصبح تحت اسم «عمر أفندي».
وقامت الحكومة المصرية برئاسة جمال عبد الناصر بتأميم سلسلة عمر أفندي، وكان هذا عام 1957، ونتيجة لخسائر تلك الفروع تمت خصخصة «عمر أفندي» عام 2007، ويبلغ عدد فروعه 82 فرعًا و68 مخزنًا.
استمرت الشركة في العمل إلى أن بدأت حكومة الرئيس حسني مبارك في الخصخصة الجزئية لفروعها، ضمن برنامج واسع لخصخصة شركات قطاع الأعمال العام شمل أكثر من 140 شركة.
في عهد الدكتور مختار خطاب وزير قطاع الأعمال العام عام 2004 قامت الوزارة بطرح فروع عمر أفندى للقطاع الخاص للمشاركة في إدارة فروع بالكامل مثل فرع الفيوم لصالح شركة النساجون الشرقيون وفرع الجامعة العمالية لصالح شركة الخزف والصيني وفرع 26 يوليو لصالح المركز المصري للهندسة والتجارة وكذلك فرع ثروت لشركة مصر إيطاليا للملابس الجاهزة "جوباي".
في عام 2005 أعلنت الحكومة عن بيع عمر أفندي لشركة أنوال السعودية المملوكة لرجل الأعمال جميل القنبيط بقيمة 560 مليون جنيه.
أثار خصخصة الشركة العديد من الإنتقادات، حيث كانت مبيعاتها السنوية تتراوح ما بين 360و380 مليون جنيه وهي تمثل 50% من حجم المبيعات التى كانت تحققها في السنوات السابقة.
بالرغم أن المستثمر السعودي تعهد بأن يضاعف مبيعات الشركة لـ 720 مليون جنيه في العام الثاني ثم مليار جنيه في العام الثالث و1,5 مليار جنيه في العام الرابع إلا أن النتائج جاءت عكسية حيث تراجعت مبيعات عام 2007/2006 لتصل إلى 180 مليون جنيه اى النصف، ثم 90 مليون جنيه في 2008/2007، و30 مليون جنيه في العام الثالث إلى أن بلغت صفراً في العام الرابع. ووفقاً للتصريحات الحكومية فإن المستثمر السعودي تعمد عدم تشغيل الشركة مما أدى إلى إنهيارها بهدف تحويل فروعها لأصول عقارية.
قبيل ثورة 25 يناير 2011، قضت محكمة القضاء الإداري بعودة الشركة مرة أخرى للدولة ممثلة في الشركة القومية للتشييد والتعمير. وبالرغم من ترحيب الشركة القومية للتشييد والتعمير بعودة عمر أفندي إلا أنها أكدت صعوبة تشغيلها نظراً لعدم توافر السيولة المالية اللازمة لإحياء فروعها مرة أخرى, حيث تحتاج عمر أفندي لضخ استثمارات تتجاوز قيمتها الـ 500 مليون جنيه على مدار الـ 4 سنوات للخروج من خانة الخسارة التى تعاني منها والتى بلغت نحو 830 مليون جنيه، منها 83 مليون جنيه للموردين، و160 مليون جنيه للبنوك.
بالرغم من أن الشركة القومية للتشييد والتعمير كانت تعترض على طرح فروع الشركة للقطاع الخاص لتشغيلها إلا أن إدارة الشركة قامت بالفعل بطرح عدد من الفروع ولكن لم يتقدم أحد لتأجيرها نظراً لتراكم المديونيات فضلا عن وجود نزاع تحكيم دولي بين المستثمر السعودي والحكومة المصرية.
وللحديث بقية من سلسله المتاجر والأسواق والمولات في مصر
د. أمير فهمى زخارى المنيا