محرر الأقباط متحدون
أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع عميد دائرة الكنائس الشرقية رئيس الأساقفة كلاوديو غوجيروتي الذي سيعتمر القبعة الكاردينالية من يد البابا فرنسيس في كونسيستوار الثلاثين من أيلول سبتمبر المقبل. توقف سيادته في المقابلة عند مهمة السلام التي شاءها الحبر الأعظم من أجل أوكرانيا، وأكد أن الدبلوماسية الفاتيكانية ليست دبلوماسية الحسابات، إنما هي دبلوماسية "اليوطوبيات الممكنة".
رئيس الأساقفة غوجيروتي، الذي عينه البابا عميداً لدائرة الكنائس الشرقية في يناير كانون الثاني من هذا العام، خدم كسفير بابوي في جورجيا، أرمينيا، أذربيجان، ثم في بيلوروسيا، أوكرانيا وبريطانيا. تعليقاً على نبأ ترقيته إلى رتبة كاردينال، والذي كشف عنه البابا بشكل مفاجئ بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي الأحد الفائت، قال سيادته إنه لم يكن يتوقع هذا الأمر موضحا أنه يشعر بالمسؤولية التي ترافق مهام الكاردينال، مع العلم أن القبعة الحمراء ترمز إلى الدم. وأكد في هذا السياق أنه شاهد الكثير من المؤمنين المسيحيين يدفعون حياتهم ثمناً لإيمانهم، خصوصا في البلدان التي خدم فيها كسفير بابوي، بالإضافة إلى الاضطهاد والعنف اللذين يتعرض لهما المسيحيون. وأشار إلى أنه يشعر بعبء المسؤولية التي أسندها إليه البابا والله وصولا إلى حد التضحية بحياته إذا اقتضت الضرورة ذلك.
ردا على سؤال بشأن أهمية تعيين شخص يُعنى بالكنائس الشرقية كاردينالا في الكنيسة الجامعة، كما هي الحال أيضا بالنسبة لبطريرك أورشليم للاتين بيتسابالا، قال غوجيروتي إن هذه المسألة تكتسب أهمية كبيرة، لأن الشرق المسيحي كان وما يزال بيئة حاضنة للإيمان بالرب يسوع وصولا إلى حد الاستشهاد. ودعا في هذا السياق إلى التفكير بما كانت عليه الكنائس الشرقية في الماضي قبل أن تقتصر اليوم على أعداد قليلة من المؤمنين بسبب العنف الممارس من قبل الأشخاص والثقافات السائدة. وأشار إلى أن المسيحية هي ديانة انبعثت من إراقة دم مؤسسها، يسوع المسيح، خلافا لباقي الديانات، كما أن المسيحية ليس جماعة لديها مدينة أرضية، إنما شعب حاج في تاريخ هذا العالم نحو أورشليم السماوية.
لم تخلُ كلمات سيادته من الإشارة إلى مهمة السلام التي قادت رئيس مجلس أساقفة إيطاليا الكاردينال زوبي إلى موسكو، وقال إنه ليس مطلعاً على تفاصيل المهمة، لكنه واثق بأن زوبي تمكن من الدخول إلى قلوب الأشخاص. وأضاف غوجيروتي أنه نظراً لخبرته كسفير بابوي في بيلوروسيا، أوكرانيا وجورجيا، يدرك تماماً مدى تعقيد المسببات الكامنة وراء الصراع، وهي مسببات غالباً ما يجهلها الغرب. وشدد على أهمية النظر إلى الصراع في سياقه التاريخي معتبرا أن العالم الغربي لم يفهم بالعمق تبعات انهيار الاتحاد السوفيتي.
بعدها أكد رئيس الأساقفة غوجيروتي أن البابا فرنسيس طالما بحث عن السلام، بكل الطرق والوسائل المعقولة، وهذا الأمر ينبع من إيمانه العميق، هذا الإيمان الذي يتخطى المنطق. وأكد أن العلاقة بين الحبر الأعظم والمنطقة تعود إلى نشأة الاتحاد السوفيتي حيث أرسل البابا قوافل من المساعدات الإنسانية إلى الإمبراطورية الناشئة حديثاً، بغض النظر عن التوجهات الأيديولوجية، لأن سياسة البابوات كانت وتبقى سياسة الأمل والرجاء، والدبلوماسية الفاتيكانية ليست دبلوماسية الحسابات إنما هي دبلوماسية اليوطوبيات الممكنة.
فيما يتعلق باللجنة الفاتيكانية المعنية بالشهداء المسيحيين الجدد، التي شاءها البابا فرنسيس، قال عميد دائرة الكنائس الشرقية إن ما فعله البابا ينبع من حدس بدأ مع البابا الراحل يوحنا بولس الثاني الذي أدخل حداثة كبيرة على الكنيسة على صعيد الإقرار بالشركة في الاستشهاد، أو ما يُسمى بمسكونية الدم، القائمة بين أتباع مختلف الكنائس المسيحية. إنها وحدة بين الكنائس تحققت بواسطة دماء الشهداء. وأكد سيادته أنه سيبذل كل ما في وسعه من أجل التعاون مع اللجنة الفاتيكانية الجديدة.
في الختام ذكّر سيادته بزيارة قام بها إلى مصر بصفته عضو في اللجنة اللاهوتية المختلطة بين الكاثوليك والأرثوذكس، لافتا إلى أن الأجواء جيدة جداً على الصعيد الشخصي، لكن ثمة أعباء تاريخية تلقي بثقلها على العلاقات الثنائية، لذا لا بد أن تكون العلاقات بين الأشخاص قوية ومفعمة بالمحبة بغية التخلص من تلك الأعباء التي تحول دون المعانقة العلنية على غرار ما يحصل في المجالس الخاصة.