ياسر أيوب

فوجئ أهل الرياضة والصحافة فى العالم كله بقرار صادم ومفاجئ لـ«نيويورك تايمز» يوم الإثنين الماضى بإلغاء القسم الرياضى فى الجريدة الشهيرة والعريقة.. واضطر جو كان المحرر التنفيذى لـ«نيويورك تايمز»، ومونيكا دراك نائبة مدير التحرير، للاجتماع بثلاثين صحفية وصحفيا فى القسم الرياضى لإبلاغهم بقرار الإدارة.. وأرسل سولزبرجر، ناشر النيويورك تايمز، رسالة لهؤلاء الصحفيين يبلغهم فيها بأن هذا القرار لمصلحة الجريدة وقرائها.. ولم تنجح هذه الرسالة فى تهدئة الغاضبين وردوا عليها بأنهم أصبحوا معلقين فى الهواء لا تلمس أقدامهم الأرض..

وباستطاعتى تفهم إحساس محررى القسم بالصدمة والحزن، حيث أقرأ هذه الجريدة يوميا وأعرف تماما قيمة وتأثير وحجم النجاحات الرياضية لهذا القسم والنيويورك تايمز.. وسبق لكثيرين من محررى هذا القسم أن فازوا بجائزة «بوليتزر»، التى هى الجائزة الأكبر والأهم والأشهر فى الصحافة الأمريكية، كما قدم بعضهم كتبا رياضية رائعة ومهمة تصدرت قوائم الأفضل. وربما يخفف من هذه الصدمة إعلان الإدارة أنها لن تستغنى عن أى محرر أو كاتب إنما ستستعين بهم فى أقسام أخرى سواء سياسة أو اقتصاد أو فنون ومجتمع أو علوم.. وسيقوم محررو القسم بعد توزيعهم بمزج الرياضة بمجالات عملهم الجديدة.

وهى ليست مبالغة من إدارة الجريدة التى كانت منذ سنين أول جريدة كبرى فى العالم تقرر عدم نشر أخبار، لأنها لن تستطيع منافسة قنوات التليفزيون والمواقع الإلكترونية التى تنشر الأخبار فور وقوعها..

واكتفت الجريدة بعد ذلك بالتحليل والبحث والتوثيق، وقال مسؤولوها إن صحافة الورق التى لا تزال تجرى وراء الخبر هى صحافة اختارت الموت بكامل إرادتها.. ولا يعنى هذا القرار أنه لا مكان للرياضة على أوراق «نيويورك تايمز».. لكن الجريدة ستنشر الحكايات والأخبار التى يكتبها محررو موقع «ذا أثليتيك»، الذى سبق أن اشترته مجموعة التايمز فى يناير 2022 بنصف مليار دولار.. ولم تكتف المجموعة بشراء هذا الموقع، وإنما تعاقدت أيضا مع ستيفن جينسبرج الذى قضى 28 عاما فى القسم الرياضى لجريدة «واشنطن بوست»..

وكانت مجموعة تايمز تبحث عن دور جديد لصحافة الورق ليست فيه أخبار وانفرادات أو كتابة خفيفة ومباشرة ومتعجلة.. وبالفعل، أصبح هذا الموقع ينشر 150 حكاية ومقالا صباح كل يوم، ونجح جدا فى بدء صحافة رياضية جديدة ومختلفة. وستختار إدارة «نيويورك تايمز» بعض هذه الحكايات والمقالات لتنشرها يوميا عبر صفحاتها الرياضية.. وأهم دروس ما جرى فى أروقة ومكاتب وصالة تحرير نيويورك تايمز فى الثلاثة أيام الماضية هو أنه لا أحد يستطيع إيقاف عجلة الزمن والتطور والتغيير.

نقلا عن المصرى اليوم