محرر الأقباط متحدون
شارك عميد الدائرة الفاتيكانية للثقافة والتربية الكاردينال جوسيه تولنتينو دي ميندونسا اليوم الخميس في لقاء في ميلانو حول الجامعات الكاثوليكية في زمن الذكاء الاصطناعي، وذلك بمداخلة بعنوان "التجدد والوعي، التفكير في مستقبل الجامعات الكاثوليكية".
بدأ اليوم الخميس ١٣ تموز يوليو في جامعة القلب الأقدس في ميلانو لقاء ينظمه الائتلاف الاستراتيجي لجامعات البحث الكاثوليكية بعنوان "مستقبل الجامعات الكاثوليكية في حقبة الذكاء الاصطناعي". وشارك في افتتاح هذا اللقاء عميد الدائرة الفاتيكانية للثقافة والتربية الكاردينال جوسيه تولنتينو دي ميندونسا وذلك بمداخلة بعنوان "التجدد والوعي، التفكير في مستقبل الجامعات الكاثوليكية". وأراد في بداية مداخلته العودة إلى الدستور الرسولي Ex Corde Ecclesiae للبابا القديس يوحنا بولس الثاني والذي يقدم فيه للجامعات الكاثوليكية، حسب ما ذكر الكاردينال دي ميندونسا تحفيزا مشجعا. كما وأشار عميد الدائرة إلى تماشي هذه الوثيقة مع البيان المجمعي في التربية المسيحية Gravissimum Educationis (أهمية التربية) والذي أكد فيه البابا القديس بولس السادس ضرورة أن تقوم مراكز الدراسات العليا المرتبطة بالكنيسة بدراسة دقيقة للمواضيع والأبحاث الجديدة الناتجة عن التطور في العصر الحديث، وذلك للمس قدرة وحدة الايمان والعقل على بلوغ الحقيقة الوحيدة.
وفي حديثه عن الدستور الرسولي للبابا القديس يوحنا بولس الثاني ذكَّر عميد دائرة الثقافة والتربية بسعي هذه الوثيقة إلى ترسيخ الجامعات الكاثوليكية في قلب الكنيسة ورسالتها والبحث الشغوف عن الحقيقة، في الأمانة للرسالة المسيحية والالتزام في خدمة شعب الله والعائلة البشرية. إلا أن الوثيقة تتضمن تحديا من جهة أخرى ألا وهو أن ترى الجامعات الكاثوليكية ذاتها كمراكز للإبداع وأن تشعر بنفسها مدعوة إلى تجدد متواصل، وخاصة في عالم اليوم المميز بتطورات سريعة في العلوم والتكنولوجيا. ومن بين ما شدد عليه البابا القديس في هذه الوثيقة ضرورة أن تتجاوب الجامعات الكاثوليكية مع ما هو جديد وأن تهتم بلا كلل بالمواضيع والمشاكل الآنية وأن تصبح مختبرات كبيرة للمستقبل. وعلى هذه الجامعات أيضا لا فقط أن تحفظ بفعالية الذاكرة النبيلة للماضي، بل وأن تكون مسبارا وخلايا للغد. إلا أن هذا التجدد المميز للجامعات الكاثوليكية يجب أن يرافقه، وحسبما ذكّر عميد الدائرة الفاتيكانية بما جاء في الدستور الرسولي، وعيٌ واضح بطبيعتها وهويتها. وتابع أنه ولهذا السبب تحديدا كان من الضروري مع كل التغيرات التاريخية والثقافية، بما في ذلك التغير الحالي وما يفرض من تحديات، أن تجمع الجامعات الكاثوليكية بين كلمتين: التجدد والوعي.
وواصل الكاردينال دي ميندونسا حديثه عن الرباط بين الكلمتين مذكرا بكلمات البابا فرنسيس في حديث له في كانون الثاني يناير الماضي، حين تطرق قداسته أيضا إلى موضوع هذا اللقاء حول تحدي الذكاء الاصطناعي فتحدث عن وعينا بالحضور المتزايد للذكاء الاصطناعي في كل جوانب الحياة اليومية سواء الفردية او الاجتماعية. وأضاف البابا أن هذا يؤثر على أسلوبنا في فهم العالم وأنفسنا، وأن التجديد في هذا المجال يجعل هذه الأدوات أكثر تأثيرا على نشاطات البشر بل وعلى قراراتهم. وتابع عميد الدائرة أن الطريق الذي يرشدنا إليه البابا فرنسيس هو طريق الحوار والتمييز المتماشيَين مع التجدد والوعي. وذكَّر الكاردينال مجددا بكلمات الأب الأقدس وذلك في حديث من شهر آذار مارس المنصرم الذي أكد فيه أن الحوار الذي يشمل الجميع هو وحده الذي يسمح بتمييز حكيم حول كيفية وضع الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية في خدمة العائلة البشرية.
تحدث عميد دائرة الثقافة والتربية بعد ذلك عن أن المستقبل يتطلب منا روية تتميز بالتفاعل ونضوجا على أصعدة متعددة. وأشار في حديثه إلى ضرورة أن تكون الأولوية للجانب الأخلاقي على ذلك التقني، والأولية للإنسان على الأشياء حسب ما ذكر البابا فرنسيس. ومن الضروري بالتالي، حسب ما واصل الكاردينال دي ميندونسا، تعزيز أنثروبولوجيا متكاملة تضع الشخص البشري في قلب مسيرات التمدن الأساسية. وتحدث من جهة أخرى عن كون الاستثمار الأهم هو بالضرورة في الجانب البشري، أي التركيز على تنشئة كل عضو في العائلة البشرية كي يتمكن من تطوير قدراته سواء فيما يتعلق بالوعي والإبداع أو الجوانب الروحية والأخلاقية، وذلك من جل الإسهام في الخير العام.
وفي ختام مداخلته أشار عميد الدائرة إلى ما وصفه بتقاطع طرق للإمكانيات الثقافية والعلمية والاجتماعية توجد فيه الجامعات الكاثوليكية والتي يتوقف تطورها على قدرتها على الإصغاء وتطبيق التعاون بمسؤولية مشتركة واللقاء السخي مع الأشخاص والثقافات.