حمدي رزق
ومن شعر «تاج السر الحسن»:

«مصر يا أخت بلادى يا شقيقة

يا رياضًا عذبة النبع وريقة

يا حقيقة...

مصر يا أم جمالٍ أم صابرْ

ملء روحى أنت يا أخت بلادى

سوف نجتث من الوادى الأعادى

فلقد مُدت لنا الأيدى الصديقة».

وأيادى مصر ممدودة، وحضنها مفتوح، وعمرها ما تأخرت عن الغوث والعون، وشعارنا فى ديارنا، «إن ما شالتكم الأرض تشيلكم العيون».

المبادرة المصرية فى قمة «دول الجوار السودانى» التى احتضنتها (القاهرة) أمس، قوامها، وعينها وعبادتها، ودينها وديدنها، الحفاظ على الدولة السودانية الوطنية من مخططات التقسيم والتجزئة والتدخل الأجنبى الذى بات يدق أبواب الخرطوم بأحذيته الثقيلة التى يروج لها متنفذون فى الشأن السودانى كشفت عن وجه قبيح يستهدف سلامة السودان ووحدة أراضيه.

وقبل أن يجفف مخطط التقسيم الخبيث، محقته المبادرة المصرية التى تنطلق من أرضية حادبة على سلام السودان أرضا وشعبا وجيشا وحكومة، سلامته من كل شر، ووقايته من مخطط شرير وفق أجندة خبيثة تتلمظ لثروات السودان، وتنشب مخالبها الحادة فى رقبته تدميها، ينزف السودان دما طاهرا فى اقتتال أهلى مرير يمرر حلوق المحبين.

من أول طلقة فى الحرب المستعرة والقاهرة تقف على تخوم السودان، على مسافة واحدة، تذب عن وجهه الجميل كل الزواحف والجوارح المتعطشة للحم السودان، القاهرة كانت ولاتزال حائط الصد الأول والأخير فى مواجهة خطر تقسيم السودان، الحرب فى السودان ليست حربًا أهلية، ولكنها مقدمة لمخطط التقسيم، الحرب تشتعل فى الأقاليم واحدا تلو الآخر بنسق يستهدف فصم عرى السودان، ويمزق النسيج الوطنين شر ممزق.

القاهرة تضطلع بمسؤولياتها التاريخية، وعندما كلت المساعى المشكورة، والوساطات والقمم المتتالية، اتجهت الأنظار صوب الشمال، إلى القاهرة، وما أن قررت الرئاسة المصرية الدعوة إلى قمة «دول الجوار» دون تقاطع مع غيرها من المسارات السياسية، والوساطات العربية والإقليمية والدولية حتى عم الارتياح الأوساط السودانية ثقة فى نصاعة الموقف المصرى وعطفته الأخوية (عطفة الشقيق) على سلام السودان ووحدة أراضيه.

خطاب الرئيس السيسى فى القمة كان معبرا عن التوجه المصرى، بل العقيدة السياسية المصرية بضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية، سيما فى السودان الشقيق، وأن اجتماع الإخوة (الأشقاء) على كلمة سواء (وحدة السودان)، وعلى أمن وأمان (الشعب السودانى)، وغوث من شردتهم الحرب خارج الديار، وتأمين دخول القوافل الإغاثية الإنسانية إلى المناطق المتضررة، تشكل خارطة طريق واضحة المعالم لخروج السودان من نفق أزمة مظلمة.

دعوة الإخوة (الأشقاء) إلى حوار شامل (يشمل كل قضايا التحول الديمقراطى) جامع (دون إقصاء) تحت رعاية (حيادية) تتلافى التجاذبات الإقليمية والدولية، يفتح كوة فى الحائط المسدود فى وجه الوساطات على تنوع مصادرها وطروحاتها.

مصر تنظر إلى مستقبل السودان، وترتفع بمبادرتها فوق الأسقف (المنخفضة) لكثير من المبادرات المختلف عليها بين الإخوة (الأشقاء)، مصر لا تحتكر الحلول، ولا تنفرد بالحلول، بل تصطحب كل الجهود العربية والإقليمية والدولية المقدرة، وتبنى عليها لإنقاذ السودان من غيابات الجب المظلم، لسان الحال فى السودان الشقيق «فلقد مُدت لنا الأيدى الصديقة».
نقلا عن المصري اليوم