القمص يوحنا نصيف
+ سألني أحد الأحبّاء: هل نحن نعبد ثلاثة؟
قلتُ له: لا. نحن نعبد إلهًا واحدًا.
فقال: إذن، لماذا نقول باسم الآب والابن والروح القدس.
+ قلتُ له: نحن نقول في قانون الإيمان: نؤمن بإله واحد.
ولكن ألستَ ترى معي أنّ الله لم يرهُ أحدٌ قطّ. فكيف نعبد إلهًا واحدًا، ولكنّه مجهولٌ للجميع؟
فمثلاً، هل ترضى أن تعيش مع إنسان وتتعامل معه، وتأكُل وتشرب وتنام معه، وأنت لا تعرف عن طبيعته شيئًا..؟!
ربّما يكون شرّيرًا.. ربّما يكون مريضًا.. ربّما يؤذيك..
هل يكفي أن تقول أنّه إنسان، أم يجب أن تبحث عن طباعه؟!
+ كذلك، كيف تعبده وأنت لا تعرف عن طبعِهِ شيئًا؟ فدعني الآن أحدّثك عن طبيعة الله..
الله حُبّ كامل.. وأروع صور المحبّة فيه هي الأبوّة.
لذلك فالله أبّ لكلّ البشريّة، وعندما خلق هذا الكون أودع فيه هذه الطبيعة.. أودعها في الحيوان والحشرات.. ألا وهي طبيعة الأبوّة. لذلك فالله بطبعه أب حنون للبشريّة كلّها.
والله الآب يحبّنا جدًّا، فأرسَل كلمته الوحيد، ليتّحد بجسد إنسان من العذراء، ويعطينا من حبّه الإلهي وبركاته، فأيّ حُبّ أعظم من هذا؟!
وكلمة الله أزلي، أي ليس له بداية. لأنّ الله ناطق بكلمته من الأزل، لذلك نقول أنّ الكلمة مولود أزلي من الآب، وليس مخلوقًا مثل آدم، الذي له بداية زمنيّة وخُلِقَ من التراب. وكذلك حوّاء أصلها ترابيٌّ، لذلك ينبغي أن يعودا وكلّ جنسهما إلى التراب. أمّا المسيح كلمة الآب فأزليّ بلا بداية من الآب، فهو الذي ليس له نهاية. والآب أحبّنا فأرسَلَ روحه القدّوس يسكن فينا (1يو4: 11-13).
+ فالله الآب واحد، وله كلمة أزلي اتّحدَ بطبيعتي، وله روح قدُس يحلّ في الإنسان.
فالله الواحد يحبّني، وأنا أُدرِك حبّه لي.. فهو ليس مجهولاً بالنسبة لي.
مثلما أعرف صديقي (فلان)، أعرفه بذاته التي تحبّني، وروحه اللطيف الذي يُعطيه الحياة والمحبّة للجميع، وبكلمته العاقلة المتحدّثة معي.. مع أنّ ثلاثة هذا الصديق هم شخصٌ واحد.
القمص بيشوي كامل
(هذه المقالة تمّ نشرها في مجلّة "صوت الراعي" عدد مارس وأبريل 1976م)
+ + +
بركة صلوات أبينا القدّيس القمّص بيشوي كامل تكون معنا. آمين.
القمص يوحنا نصيف