محرر الأقباط متحدون
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي يوم الأحد السادس عشر من تموز يوليو، في كنيسة المقر البطريركي الصيفي في الديمان، وسلط الضوء في عظته على الاحتفال في الأحد الثالث من تموز يوليو بعيد القديس شربل.
ألقى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظة بعنوان "هذا عبدي الذي اخترته، سأجعل روحي عليه ليعلن الحقّ للأمم" (متى 12: 18) واستهلها قائلا "نبوءة أشعيا النبي إنّما قيلت عن ربنا يسوع المسيح، إبن الله منذ الأزل، الذي أرسله الآب متجسّدًا لخلاص البشرية جمعاء. فمسح بشريته بالروح القدس وأرسله ليعلن الحق لجميع شعوب الأرض. يسميه أشعيا عبدًا، واللفظة مشتقة من فعل عَبَدَ، ومنه "العابد" للدلالة أنه "حبيب" الله الذي اختاره، وملأ بشريته من الروح القدس، وأرسله. من هذه النبوءة تنكشف الهوية المسيحانية والرسالة. فالهوية هي مسحة الروح القدس، والرسالة هي إعلان الحق والخلاص لجميع الأمم. وقد أشرك الرب يسوع بهاتين الهوية والرسالة كل الشعب المسيحي بالمعمودية والميرون. وهو إشراك منفتح على جميع شعوب الأرض من كل لون وعرق وجنس. نصلّي اليوم إلى الله لكي يتعمق كل مسيحي ومسيحية في هويته المسيحانية، ويلتزم بعيش الرسالة المسيحية في الحالة التي هو/هي فيها، من أجل بناء مجتمع أفضل".
وأضاف غبطته أن "هذه الهوية والرسالة قبلها القديس شربل الذي نحتفل اليوم بعيده في هذا الأحد الثالث من شهر تموز. لقد ظهرت هويته المسيحانية في حياته الرهبانية والكهنوتية والنسكية في رحاب الرهبانية اللبنانية المارونية الجليلة. وقد سطعت بالفضائل الإلهية الإيمان والرجاء والمحبة، وبنذوره الرهبانية الثلاثة الطاعة والعفة والفقر. وشهدت الكنيسة، في دعوى تطويبه وتقديسه، أنه "عاش ببطولة هذه الفضائل الإلهية وهذه النذور الرهبانية، وما اشتق منها من فضائل روحية وإنسانية". أما الرسالة المسيحانية فعاشها صلاة وأعمالًا وضيعة تقشفية في دير مار مارون عنّايا مع الجماعة الديرية مدة ست عشرة سنة، وعاشها موتًا كاملًا عن العالم في صومعة القديسين بطرس وبولس على قمة عنايا طيلة ثلاث وعشرين سنة حتى وفاته ليلة عيد الميلاد في 24 كانون الأول 1898. والله في سر تدبيره وزّع ثمار حياته الخفية على حاجات الكنيسة ورسالتها المسيحانية".
هذا وأشار البطريرك الراعي في عظته إلى أن "الجميع في لبنان والخارج يشتكون من الفساد السياسي والمالي والإداري والتجاري والأخلاقي حتى فقدان الحياء البشري، وموت الضمير الإنساني والوطني، والاستعباد لأصنام السلطة والأشخاص والمال والسلاح والمصالح الشخصية والفئوية، حتى تعطيل انتخاب رئيس للدولة وتدمير المؤسسات الدستورية. هذه كلها جريمة نكراء بحق الدولة ومؤسساتها وبحق الشعب اللبناني. وليعلم جميع المعنيين أنهم مدانون من الله والناس. ومهما فعلوا ونشطوا في عمليات الهدم منذ شغور سدة الرئاسة وقبلها، فلن يبلغوا مشتهاهم، وفي وجههم قوة إيمان شعبنا اللبناني الطيب وأخلاقه وصموده ودفاعه عن قدسية الوطن من دون أي سلاح".
وفي ختام عظته مترئسا قداس الأحد في كنيسة المقر البطريركي الصيفي في الديمان، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي "ولا شك عندنا أن يد الله الخفية هي التي تحمي لبنان من السقوط، بتشفع أمّنا مريم العذراء، سيدة لبنان، ومار شربل وسائر القديسين والطوباويين أبناء هذا الوطن الصغير بحجمه، والكبير بهم، وبحضارة شعبه واختبارات تاريخه. وإنّا في حضرة القديس شربل نجدد هذا الإيمان بالله رافعين لله كل مجد وتسبيح وشكر، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".
هذا وقد ترأس البطريرك مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي يوم السبت الخامس عشر من تموز يوليو في بلدة بقاعكفرا، مسقط رأس القديس شربل ليلة عيده، وألقى عظة للمناسبة سلط الضوء فيها على حياة القديس شربل، وأشار أيضًا إلى أن "لبنان ومجتمعه بحاجة ماسة إلى مسيحيين يسطعون بنور حياتهم وأفعالهم في عالم السياسة والاقتصاد والتجارة والمال والإدارة والقضاء. إذا لم يسطع على الأخص رجال السياسة والمسؤولية بالقيم الروحية والأخلاقية والوطنية، لن تستقيم الحياة العامة في لبنان، وبالتالي لن يتمكنوا من انتخاب رئيس للجمهورية، ولن يُعيدوا إلى المؤسسات الدستورية حياتها، ولن يعنيهم أمر شعبنا الفقير والمقهور. لكننا نصلّي إلى الله، بشفاعة القديس شربل، كي يمس بنعمته ضمائر الجميع وعقولهم وقلوبهم، ويحررهم من مصالحهم الشخصية والفئوية، ويعطّل مشاريعهم الهدامة، ويخرجهم بنوره من ظلمات عقولهم وقلوبهم. فالله سميع مجيب. له المجد والشكر الآن وإلى الأبد، آمين".