لواء د. سمير فرج
تدخل هذه الأيام الحرب الروسية- الأوكرانية عامها الثانى، وقد تبدد الأمل للجميع في أن يعم السلام بين الدولتين، وبالتالى على العالم كله، ولكن للأسف، فإن بوادر الأحداث تدل على أن هذه الحرب مستمرة، وربما حتى آخر هذا العام. ورغم هدوء الأحداث خلال الشتاء الماضى، عدا معركة الاستيلاء على مدينة باخموت، فلقد كانت القوات الروسية تقوم بتجهيز دفاعاتها على الأراضى الأوكرانية التي استولت عليها في إقليم دونباس في مناطق لوجانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون.

وأعتقد، طبقًا للعقيدة القتالية الروسية، أنها نجحت في تنظيم دفاعات قوية بعمق باستخدام موانع الألغام، التي يصعب على أي قوة مهاجمة اختراقها إلا بحجم كبير من القوات. وعلى الجانب الآخر كانت القوات الأوكرانية تجهز للقيام بهجوم مضاد أطلقت عليه هجوم مضاد الربيع بهدف استعادة الأراضى الأوكرانية التي استولت عليها روسيا.

ولقد كان تحليلى منذ البداية أن هذا الهجوم المضاد الأوكرانى لن يُكتب له النجاح لعدة اعتبارات، أهمها أن القوات الأوكرانية ليست لديها سيطرة جوية قوية فوق أرض المعركة، بل السيطرة الجوية للقوات الروسية. والأمر الثانى أن القوات الأوكرانية ليس لديها التفوق العددى والنوعى من الأسلحة والمُعدات لتنفيذ الهجوم المضاد، حيث إن مفاهيم القتال تنص على أن المهاجم يجب أن تكون قوته ثلاثة أضعاف المدافع، وهذا بالطبع لا يمكن أن تحققه القوات الأوكرانية.

كذلك كان هناك نقص كبير في قذائف المدفعية الأوكرانية من عيار 155 مم، وهى أساس المعارك في مثل هذا النوع من القتال والحرب في المدن. ولذلك أعتقد أنه كان من الأفضل أن تنتظر القوات الأوكرانية وصول طائرات «F 16» الأمريكية، التي وعدت الولايات المتحدة الأمريكية بأن تزود بها أوكرانيا، بعد تدريب الطيارين الأوكرانيين عليها لتنفيذ الهجوم.

ولكن للأسف، بدأت القوات الأوكرانية هذا الهجوم دون انتظار هذه الطائرات، ولذلك لم تحقق أي نجاحات. ومن هذا المنطلق قامت الولايات المتحدة الأمريكية باتخاذ قرارها بدعم أوكرانيا بالقنابل العنقودية المحرم استخدامها دوليًّا بهدف دعم قدرات الجيش الأوكرانى في تنفيذه الهجمات المضادة لاستعادة أراضيه التي استولت عليها القوات الروسية.

وتُوصف هذه القنبلة بأنها مستودع، يحتوى على 300 قنبلة صغيرة، مزودة بعنصر الزركون، لإشعال الحرائق. يُطلق هذا المستودع على ارتفاع محدد من الأرض، لتندفع بعدها القنابل الصغيرة لتدمير الدبابات، والمدرعات، والرادارات، وكافة المُعدات العسكرية. ويمتد الأثر الانفجارى للقنبلة العنقودية الواحدة إلى مساحة تساوى ملعب كرة قدم، أما ما يتبقى منها دون انفجار فيتحول إلى ألغام، تهدد حياة المواطنين.

سبق لأمريكا استخدام ذلك النوع من القنابل، خلال حرب تحرير الكويت من الغزو العراقى، وكانت أول دولة تستخدم القنبلة العنقودية هي ألمانيا، أثناء الحرب العالمية الثانية، وأطلقت عليها، حينئذ، «القنبلة الفراشة»، إلا أنها وقّعت، لاحقًا، على اتفاقية حظر استخدامها، وأعلنت عدم تزويد أوكرانيا بهذه القنبلة. ويرى العديد من المحللين أن الولايات المتحدة دعمت أوكرانيا بهذه القنابل، حيث توجد منها الملايين في مخازنها، وكانت فرصة كبيرة للتخلص منها بإرسالها إلى أوكرانيا.
نقلا عن المصرى اليوم