مجدي جورج
بمناسبة الذكري ال ٧١ لثورة بوليو دعونا نعقد بعض المقارنات البسيطة بين الملك فاروق وجمال عبد الناصر :-
اولا من حيث الاصول :
فاروق ولد ونشا وكبر في القصور الملكية لاسرة ملكية اصولها غير مصرية بينما ولد جمال عبد الناصر في بيت عادي للطبقة المتوسطة بالاسكندرية لموظف صغير في هيئة البريد اصوله من قرية بني مر في اسيوط بصعيد مصر ويقال ان لاسرته امتدادات لقبائل عربية فالاول اصوله البانيه والثاني اصوله لقبائل عربية وهكذا يشترك الاثنان في كونهما ليسا من اصول مصرية خالصة .
ثانيا التعليم و الصرامة في الصغر :
فبرغم كل ماقيل عن تنعم فاروق في صغره ونشاته في القصور الملكية الا ان والده كان حريص جدا علي الصرامه والبعد عن التدليل في تعليمه وتربيته فقد احاطه في القصر بمربية انجليزية صارمه وفي ذهابه لانجلترا لتلقي تعليمه المدني والعسكري حرص علي وجود الرجل الصارم الفريق عزيز المصري في البعثة بجواره .
اما جمال عبد الناصر الذي نشا بالاسكندرية والذي توفيت والدته بعد فترة والذي انتقل لبيت عمه بالقاهرة كي يعيش معه فقد عاني كل هذه المعاناة وايضا تعلم الجدية والصرامة من خلال التحاقه بالكلية الحربية وخدمته في الجيش ومن بعدها كمدرس في الكلية الحربية نفسها .
ثالثا المولد والقدر وتولي المسئولية مبكرا :-
ولد فاروق في فبراير ١٩٢٠ وتوفي والده في ١٩٣٦ فتولي العرش وهو طفل في السادسة عشر من عمره ( تحت الوصاية ) قبل ان يتولي الامر فعليا بعدها بعام تقريبا ( بحيلة انه بلغ الثامنه عشر ولكن وفقا للتقويم الهجري ) ثم تنازل عن العرش وهو في الثانية والثلاثين لابنه الطفل احمد فؤاد ( الذي كان يبلغ من العمر ستة اشهر تحت الوصاية قبل الغاء الملكية ) في يوليو ١٩٥٢ .
وولد عبد الناصر في يناير ١٩١٨ اي قبل فاروق بعامين تقريبا وحصل علي الثانوية العامة في ١٩٣٧ اي سنة تتويج فاروق رسميا ملك للبلاد والتحق مباشرة بالكلية الحربية وتخرج منها ١٩٣٨ وخدم في الصعيد والسودان والاسكندرية ثم بعدها كمدرس بالكلية وشارك بعدها في حرب فلسطين ١٩٤٨ التي اتهموا فيها الملك بقصة الاسلحة الفاسدة وتزعم الضباط الاحرار الذين اطاحوا بالملك في ١٩٥٢ وتولي مسئولية قيادة البلاد واتخذ اصعب القرارات وهو في منتصف الثلاثيات من عمره .
رابعا الوفاة :
توفي الملك صغير السن في ايطاليا في ١٩٦٥ بعد تنازله عن العرش بثلاثة عشر عاما وعن عمر يناهز الخمسة واربعين عاما وقد قيل وكتب الكثير عن وفاته واحتمال ضلوع احد من المخابرات المصرية بدس السم له في الاكل ولكن لم يتاكد ذلك ابدا .
توفي عبد الناصر في سبتمبر ١٩٧٠ عن عمر يناهز ال ٥٢ عاما وهو في سن صغيرة ايضا حتي ان الزعماء السوفيت عابوا علي المصريين بسبب هذا الامر وقد مات عبد الناصر في ظروف صعبة وغامضة ايضا وبعد نهاية قمة عربية بالقاهرة وقد قيل ايضا الكثير والكثير جدا عن ظروف وفاته بالسم سواء في فنجان قهوة او من خلال جلسات التدليك ووضع السم في مراهم التدليك عن طريق علي العطفي بمساعدة اجهزة مخابرات معادية ارادت التخلص من الرجل .
فهل فعلا مات عبد الناصر بالسم وهل قتل فاروق بالسم ليتحقق القول القائل من قتل يقتل ولو بعد حين ؟
خامسا الارث :- مع فارق الظروف في كل حالة وهنا ليس غرضنا تفضيل عصر علي عصر اخر ولكن لتوضيح بعض الحقائق وليس اكثر .
رحل فاروق آخر ملوك مصر وهو ملك مصر والسودان ومات عبد الناصر وقد فقدنا حكم السودان وحكم غزة واصبحت سيناء محتلة .
رحل فاروق والفقر المدقع مسيطر في الريف واغلب المدن
وغالبية السكان تحت خط الفقر مع وجود طبقة اقطاعية عددها قليل جدا تحتكر الثروة والارض الزراعية ومات عبد الناصر والطبقة الفقيرة تغيرت احوالها للافضل بفضل سياسة الاصلاح الزراعي وزادت ونمت الطبقة المتوسطة وقل نفوذ الطبقات الاقطاعية او تلاشي .
رحل فاروق ونسبة التعليم متدنية جدا جدا لان التعليم لم يكن مجاني الا في اواخر عصره ومات عبد الناصر ونسبة التعليم عالية من حيث الكم وان لم تكن كذلك من حيث الجودة .
رحل فاروق والمشاكل صفر بين مصر ودول الجوار ودول العالم المختلفة (ربما لاننا كنا دولة محتلة )ومات عبد الناصر ومشاكلنا مع دول العالم الكبري خصوصا الغربي ومع باقي دول العالم الاخري كبيرة جدا جدا.
رحل فاروق بدون اي ديون خارجية بل كانت مصر نفسها هي التي لها ديون لدي انجلترا .
مات فاروق والجنيه المصري في اعلي قوته ويساوي اربع دولار .
ومات عبد الناصر مع بداية دخولنا في قصة الديون( كانت ضئيلة جدا اذا قورنت بالعصر الحالي ) ومع بدايات انخفاض سعر الجنية المصري فكان سعر الجنيه اثنان ونصف دولار .
رحل فاروق ومصر بلد متعدد الثقافات والديانات والجنسيات ومات عبد الناصر بعد ان قام بطرد اليهود وبعد سياسات التمصير والتاميم التي تسببت في مغادرة اغلب الجنسيات من طليان ويونانيين وغيرهم ، بل وخروج عدد كبير جدا من المصريين الذين اممت شركاتهم ومصالحهم وهجرتهم من مصر .
مجدي جورج
باحث اقتصاد دولي
فرنسا