ياسر أيوب
كتبت أمس عن رغبة مصر فى استضافة الدورة الأوليمبية 2036، وقلت إن مصر لا تحتاج الآن لخوض هذا السباق بما يتضمنه من مخاطر ونفقات مالية ضخمة.. وإن ذلك مجرد رأى شخصى قد يحتمل الصواب أو الخطأ.
وطالما تريد مصر خوض هذا السباق ومنافسة مدن مثل: برلين وكوبنهاجن والدوحة وإسطنبول وسول وتورونتو وفلورنسا وغيرها.. فلابد من التوقف أمام أمور كثيرة جدا أبدؤها بالتاريخ، فقد تقدمت مصر من قبل ثلاث مرات بطلب استضافة دورة أوليمبية.. ففى يناير 1914 تقدمت الإسكندرية رسميا بطلب استضافة الدورة الأوليمبية 1916.. ومع الطلب كانت موافقة وتأييد وضمانة الخديو عباس حلمى الثانى حاكم مصر، والتعهد ببناء وتجهيز استاد أوليمبى إن استضافت الإسكندرية هذه الدورة.. ومع الطلب الرسمى الذى قدمه بولاناكى، سكرتير اللجنة الأوليمبية المصرية وعضو اللجنة الأوليمبية الدولية، كانت هناك معلومات أخرى عن المدينة المصرية التى أسست اللجنة الأوليمبية المصرية برئاسة الأمير عمر طوسون واتحاد الألعاب الرياضية، والتى كان من أهلها جورجيوس أفيروف الذى أنقذ اللجنة الأوليمبية الدولية وتبرع من ماله الخاص لبناء استاد أوليمبى فى أثينا استضاف أول دورة أوليمبية فى التاريخ الحديث.. وخطاب شخصى من بولاناكى إلى البارون دى كوبرتان رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية يذكّره فيه بحلمه الكبير بتنقل الدورات الأوليمبية بين مختلف قارات العالم.. وبعد أوروبا والولايات المتحدة جاء الدور على إفريقيا ولن يجد العالم فى إفريقيا كلها مدينة أفضل أو أجمل من الإسكندرية لتحقيق هذا الحلم.
وتأكد أهل الإسكندرية من نجاحهم حين وافقت اللجنة الأوليمبية الدولية على رفع العلم الأوليمبى الجديد بحلقاته الخمس فى ملعب الشاطبى، ليراه العالم لأول مرة فى 5 أبريل 1914.. ورغم كل ذلك، اضطرت الإسكندرية فى النهاية لسحب الطلب وصرف النظر حين اجتمع أعضاء اللجنة الأوليمبية الدولية فى استكهولم فى 4 يوليو 1914 لاختيار المدينة من بين برلين والإسكندرية وأمستردام وبروكسيل وبودابست وكليفلاند.. فقد اكتشف بولاناكى أن هناك اتفاقا سابقا عقده الأوروبيون، بمقتضاه تنازلت برلين عن دورة 1912 لتستضيفها استكهولم مقابل تنظيم دورة 1916 فى برلين.. وبالفعل، فازت برلين بهذه الدورة التى لم تقم نتيجة الحرب العالمية الأولى.. وكانت المرة الأولى وليست الأخيرة التى يتم فيها الاتفاق السرى بين الكبار على إسناد دورة أوليمبية أو مونديال لإحدى الدول بعيدا عن مسرحية التصويت والاختيار ودراسة ملفات المدن والبلدان واستعدادها للتنظيم والاستضافة.
نقلا عن المصرى اليوم