ياسر أيوب
فى سنة 2000.. كانت المحاولة المصرية الثالثة والأخيرة لاستضافة دورة أوليمبية.. وكان واضحا أن مسؤولى الرياضة المصرية وقتها لم ينتبهوا أو يستوعبوا دروس المحاولتين السابقتين.. أو أنهم تخيلوا أن المشكلة فقط كانت الإسكندرية التى أرادت استضافة دورتى 1916 و1936، ولهذا تم حل هذه المشكلة جذريا لتطلب القاهرة استضافة دورة 2008.

وخاضت القاهرة هذا السباق لتنافس بكين وباريس وإسطنبول وإشبيلية وهافانا وتورنتو وكوالا لامبور وأوساكا وبانجوك.. وقبل بدء التصويت واختيار المدينة الفائزة فى موسكو فى يوليو 2001.

تم استبعاد خمس مدن لم تستوف الشروط المطلوبة لخوض سباق التصويت؛ هى القاهرة وكوالا لامبور وأشبيلية وهافانا وبانجوك.. فلم تنجح القاهرة فى خمسة من محاور الاختبار الأوليمبى هى البنية التحتية ودرجة التلوث والإقامة والطرق والمواصلات والشكل العام.

ونجحت القاهرة فى الأمن والخبرة الرياضية والدعم الحكومى والمنشآت الرياضية ومواصفات القرية الأوليمبية.. وخاضت خمس مدن المرحلة الأخيرة من السباق؛ وهى تورنتو وإسطنبول وباريس وأوزاكا، وفازت بكين فى النهاية باستضافة دورة 2008.

وقد تحدثت فى اليومين السابقين عن تفاصيل محاولتى الإسكندرية قبل محاولة القاهرة داعيا مسؤولى الرياضة فى بلادنا لإعادة التفكير وتأمل هذه المحاولات الثلاث قبل التقدم رسميا بطلب استضافة دورة 2036.

ويمكن تلخيص دروس الثلاث محاولات السابقة فى عدة نقاط أساسية.. أولها أن الفوز فى هذا السباق الأوليمبى ليس بالضرورة أن يكون للأفضل الذى استوفى كل الشروط واجتاز كل الاختبارات.

ولا بد لأى دولة تريد الفوز أن تكون لها عيونها ورجالها داخل اللجنة الأوليمبية الدولية لمعرفة الاتجاه العام، وهل هناك اتفاقات مسبقة لإسناد الدورة لمدينة ما أم لا، وهل هذه الدورة ستكون مكافأة ما لمدينة بعينها نتيجة حسابات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.

وأنه لا يمكن الاستناد لامتلاك منشآت رياضية لائقة باعتبارها ضمانا مؤكدا للفوز.. وأن الفوز لا يحتاج مطلقا لأى دعاية داخلية كأنه للمصريين أصوات تسعى مصر لكسبها.. وأن الدعاية الخارجية لا بد أن تخاطب العالم باللغة التى يفهمها ويقبلها وليس بأى لغة أخرى.

وأن إشادة مسؤولى رياضة العالم الكبار لا تعنى بالضرورة أنهم سيمنحون مصر أصواتهم، لأنها قد تكون مجرد مجاملة ديبلوماسية أو إعجاب حقيقى لكن لا دور له فى تصويت يعتمد على عوامل أخرى، لم تعد من بينها الرشوة بالمناسبة حسب النظام الأوليمبى الجديد.

كما أتمنى أن يطلب مسؤولونا الرياضيون الملفات الاقتصادية للمدن التى استضافت آخر عشر دورات أوليمبية، ومعرفة حسابات الربح والخسارة، ويصرحون بها الحكومة.

ولا تغطى إيرادات الدورات تكاليف استضافتها، لكن هناك مدن قليلة تربح على المدى الطويل بامتلاك منشآت رياضية جديدة، أو تغيير بنية تحتية وتحسين أحوال الطرق والمرافق والخدمات العامة.

ولا بد أيضا من معرفة أى المدن التى سنخوض معها هذا السباق، وما هى نقاط القوة لكل مدينة منها حتى لا تفاجئنا خسارتنا.. وأخيرا لا بد أن يبقى اسم مصر وصورتها أهم وأغلى من أى مصالح ومكاسب شخصية لأى أحد.
نقلا عن المصري اليوم