د. أمير فهمى زخارى المنيا
حكايتنا النهارده عن الحسد.
(خمسه وخميسه) في مختلف العصور القديمة والشرائع ...

خمسة وخميسة: عبارة عن كف فيها خمسة أصابع وتصنع بخامات كثيره منها العاج أو من فضة أو من نحاس وهي تلفت نظر الحاسد فتقع العين الحاسد

 عليها فلا يؤذي الشخص ... ويعلقونها على كل من يخشون حسده.

أن الحسد كلمة جاءت على اسم حشرة تسمى "الحسدل" وهى حشرة تشبه القراض الذى يمتص دم الكائنات الحية وسمى الحاسد على اسم هذه الحشرة لأنه يأكل فى نفسه، لذلك قال العلماء الحاسد يُضر أكثر من المحسود، وأصل الحسد هى حالة من السخط على الحال، وفيها الحاسد غير راضى على حاله بل وناقم على وجود النعمة فى يد عباد الله مع تمنى زوالها منهم ووصولها اليه.

* عين حورس:
أولت الحضارة المصرية القديمة، منذ نشأتها قبل نحو 7 آلاف سنة اهتمامًا كبيرًا لـ"الحسد"، ففي أسطورة إيزيس وأوزوريس، لم يستعد حورس حكمه على مصر إلا من خلال عين سحرية زرقاء "عين حورس"، تمكن بفضل قوتها من هزيمة عمه "ست"، وإنقاذ بلاده

عين حورس من معبد الآلهة حتحور في دندرة كانت "عين حورس"، رمزًا يخدم الشعائر والمعتقدات المصرية القديمة في الحياة والبعث على حد سواء، لأن قدماء المصريين آمنوا بأنها تحمي من يرتدي قلادتها من الأرواح الشريرة ومن المرض، كما كانت القلادة توضع على صدر مومياء فرعون في القبر لتحميه من أعدائه.

* كف ميريام عند اليهود
يسمى كف ميريام نسبة إلى أخت النبى موسى عليه السلام، ويقال انه رمز لمساعدتها أخيها حسبما جاء فى النصوص التوراتية، ويذهب بعض اليهود السفارديم إلى العدد 5 نسبة إلى الكتب الخمسة المقدسة بالتوراة، كما يعتقد أيضا ان الرقم 5 يشير إلى الحرف الخامس بالابجدية العبرية وهو "هيت" وهو احد أسماء الله المقدسة.

* كف مريم:
عند المسيحيين بينما يعتقد الباحثون أن كف مريم فى المسيحية، يحمل إشارة إلى السيدة العذراء مريم، ويدها المباركة، وقد استعملت لحماية الأم والجنين والتبرك بها لدرء الشرور المحتملة، وكانت تلك التميمة توجد معلقة على منازل المسيحيين واليهود ومن بعدهما المسلمين فى الكثير البلاد والأحياء.

* هل تؤمن المسيحية بوجود الحسد؟
الحسد - كشعور- موجود. فنحن نعرف أن قايين حسد أخاه هابيل. ويوسف الصديق حسده أخوته. والسيد المسيح أسلمه كهنة اليهود للموت حسدًا. ونحن في آخر صلاة الشكر، نقول "كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان أنزعه عنا".

الحسد إذن موجود، ولكن "ضربة العين" لا نؤمن بوجودها.

فبعض الناس يؤمنون أن هناك أشخاصًا حسودين، إذا ضربوا من حسدوه عينًا، يصيبه ضرر معين. لذلك يخاف من الحسد، ومن الحسودين وشرهم. وأحيانًا يخفون الخير الذي يرزقهم به الله خوفًا من الحسد. وهم يضربون لهذا النوع من الحسد قصصًا تكاد تكون خرافية. هذا النوع من الحسد، لا نؤمن به، ونراه نوعًا من التخويف ومن الوسوسة.

آيات من الكتاب المقدس عن الحقد، الحسد، الغيرة:
"لاَ أَسِيرُ مَعَ مَنْ يَذُوبُ حَسَدًا، لأَنَّ مِثْلَ هذَا لاَ حَظَّ لَهُ فِي الْحِكْمَةِ" (سفر الحكمة 6: 25)
"الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 13: 4)
"فَاطْرَحُوا كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَالْحَسَدَ وَكُلَّ مَذَمَّةٍ" (رسالة بطرس الرسول الأولى 2: 1)

* الحسد مذكور في القرآن:
أما فى المنظور الإسلامى فالحسد مذكور فى القرآن الكريم أكثر من مرة، فمنها {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}.. [النساء: 54]،
وقوله {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}.. [سورة الفلق]،

وقوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ}.. [البقرة : 109]،

وكذلك فى الحديث النبوى الشريف أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (العين حق).. متفق عليه.

إن العلماء يعرفون الحسد أنه طاقة سلبية ضعيفة تخرج من صدر وعين الحاسد قد تأثر فى المحسود إذا وافقت قدراً امتثالاً لقوله تعالى: {وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه}..

* كف فاطمة:
الخمسة وخميسة كما يطلق عليها المسلمون، لم تظهر فى بداية العهد الإسلامى، لكنها ظهرت بكثرة بعد ظهور المذهب المالكى، وكذلك عرفها الشيعة، وتسمى كف فاطمة، نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبى محمد "ص"، وزوجة الإمام على بن أبى طالب وأم الحسن والحسين، وفى الثقافة السنية يرمز الرقم 5 إلى أركان الإسلام الخمسة، بينما يذهب  آخرون من بينهم كتاب "العين حق" للباحث أحمد الشميمرى، ان التميمة المقصودة من الرقم 5 إلى إشارة إلى الآيات الخمس التى تتكون منها سورة الفلق، فبدلا أن يقرأها الناس للتعوذ بالله كانوا يعلقون تلك التميمة كإشارة بهدف التعوذ والحماية بآيات القرآن الكريم.

أن الحسد لا يضر المحسود، بل يتعب الحاسد نفسه:
إنه لا ضر المحسود، وإلا كان جميع المتفوقين والأوائل عُرضةً للحسد والضياع، وأيضًا كان كل الذين يحصلون علي مناصب مرموقة، أو جوائز الدولة التقديرية عرضه للحسد والإصابة بالشر! إننا نري العكس، وهو أن الحاسد يعيش في تعاسة وتعب بسبب حسده وشقاوته الداخلية، كما قال الشاعر:
 اصبر علي كيد الحسود                 فإن صبرك قاتله
 فالنار تأكل بعضها                       إن لم تجد ما تأكله
ولكن لماذا نصلي لنزع الحسد، مادام لا يضر؟
نحن لا نصلي خوفًا من (ضربة العين) المزعومة، وإنما نصلي لكي يمنع الله الشرور والمكائد والمؤامرات التي قد يقوم بها الحاسدون بسبب قلوبهم الشريرة.
ويظل السؤال مطروح ... هل تؤمنوا بالحسد؟؟؟ تحياتى.
د. أمير فهمى زخارى المنيا
----------------------------------------------------------------------------
المصادر:
- هل تؤمن المسيحية بوجود الحسد | St-Takla.org
- المؤرخ العالمى "بيتر والكد" الذي قام بتأليف كتاب عام 1978م باسم "تاريخ الحسد عند الأغريق" يتكلم فيه عن تاريخ الحسد من 110 قبل الميلاد.
 - الكاتب أحمد أمين فى كتابه "قاموس العادات المصرية" ان "الخمسة وخميسة" التى يستخدهما المصريون هى لصرف عين الحاسد النعم.