د. وسيم السيسي
كنت أستمع لأغنية الكرنك «كلمات أحمد فتحى، لحن وغناء محمد عبدالوهاب»: أين يا أطلال جند الغالب؟، أين آمون وصوت الراهب!. سرحت بأفكارى: أين ذهبت قوة وعظمة بناة الأهرام، وسرابيوم سقارة؟.
سقطت الأسرة الخامسة بسبب الصراعات العنيفة بين القصر الملكى والكهنة، ثم سقطت الدولة القديمة بنهاية الأسرة السادسة «بيبى الثانى» بسبب الفساد الداخلى، صراع أمراء الأقاليم، غياب الفيضان، فكانت الثورة والخراب، اللذان عبر عنهما المؤرخ المصرى إليبور: ابكِ يا قلبى، ضاعت البلاد، الذين كانوا في القصور أصبحوا في الشوارع، والذين كانوا في الشوارع أصبحوا في القصور!، ابكِ يا قلبى، حتى الذي كان يرتق حذاءه أصبح على منصة القضاء.
مرت الأيام وجاءت الدولة الوسطى بعظمتها «سنوسرت الثالث وحفر قناة سيزوستريس»، ولكنها سقطت بالغزو السلمى من القبائل السامية أو الـ: حقا خاسوت أو الهكسوس، هؤلاء «الضيوف» تحولوا إلى دولة داخل الدولة، طردوا ملك مصر إلى طيبة، فكانت حروب التحرير، التي توقفت فيها النساء عن الإنجاب من هول المعارك برًّا وبحرًا، استولت مصر على ٣٠٠ سفينة في معركة واحدة من الهكسوس!. استُشهد فيها الملك سقنن رع وابنه كاموس وآلاف الجنود المصريين.
جاءت الدولة الحديثة بعظمتها وإمبراطوريتها «الأسرات ١٨ و١٩ و٢٠»، وكانت بداية السقوط، المارق إخناتون، أضاع إمبراطورية بصراعاته الدينية، كذلك توحش رجال الدين بثرواتهم الطائلة على نظام الحكم، حتى اعتلى الحكم الكاهن حريحور «الأسرة ٢١» ومن قبله آى «الأسرة ١٨».
أحست شعوب البحر المحيطة بضعف مصر، فكان الهجوم عليها من الشرق والغرب، بعد أن قضوا على الحضارتين الفينيقية والبابلية، ولكن مصر «رمسيس الثالث» انتصرت، بالرغم من التمزق الداخلى وصراعات القصر مع رجال الدين ومؤامرات القصر التي انتهت بقتل الملك نفسه.
تعرضت مصر لحروب آشورية بابلية «سرجون الثانى، سنحاريب، أسرحدون، آشور بانيبال» تصدى لهم من ملوك النوبة: «باحنسى طهرقا، شبتاكا»، ثم جاءت الأسرة ٢٦ استعانت بالإغريق، فكان الغزو الفارسى «قمبيز ٥٢٥ ق. م».
قامت الثورات المصرية حتى تم خروجهم بدخول الإسكندر «ابن آمون» مصر، فكان الاحتلال اليونانى البطلمى «٣٣٠- ٣١ ق. م». كانت الثورات لا تتوقف، وبكل أسف أثناء الاحتلال الرومانى «31 ق. م إلى ٦٤١م». لم تقم ثورات بعد دخول المسيحية، بل كانوا يقدمون أنفسهم للجنود الرومان حتى يصعدوا لملكوت السماوات!، بدلًا من حروب الغوريلا لطرد المستعمر.
ضاعت مصر بسبب المفاهيم الخاطئة عن السيد المسيح وكيف أنه الثائر الأول، مَن كان يجرؤ أن يخاطب الحاخامات: أنتم كالقبور البيضاء من الخارج ومن الداخل عظام ينخر فيها السوس، تنظفون خارج الكأس ومن الداخل اختطاف ودعارة، ودخل المعبد، وقلب موائد الصيارفة، وقال: بيتى للصلاة يدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص.
ليس كالتاريخ درس وعبرة، وعلينا أن نتعلم منه أن مصر فقدت استقلالها ٢٥٠٠ سنة للأسباب الآتية:
١- الصراعات الداخلية، خصوصًا بين الحكم ورجال الدين.. «العالمانية هي الحل»، أي فصل الدين عن الدولة.
٢- الضيوف الذين يتحولون إلى دولة داخل الدولة.
٣- الفساد، يحضرنى آخر خلفاء العصر العباسى الثانى، المستنصر بالله، حين أحاط المغول و«هولاكو» ببغداد، بكى الخليفة، وقال: لهفى على ملك ضائع!. نظر له وزيره شزرًا، وقال: يا أمير المؤمنين: مَن ترك الصغير حتى يكبر، والقليل حتى يكثر، وأجّل عمل اليوم إلى الغد، استحق هذا وأكثر، أجهش الخليفة بالبكاء، وقال: والله إن هذا القول أشد علىَّ من فقد الخلافة، دخل المغول، وقتلوه!. بس خلاص.
نقلا عن المصرى اليوم