ياسر أيوب
كنت مخطئا حين تخيلت أن الإعلام النيوزيلندى سيطيل الحديث عن ماريا سترونج وزوجها جيسون وأولادهما إيزوبيل وبوسطن وهارى.. فقد كانت لهذه الأسرة الصغيرة حكاية من تلك التي تفتش عنها وتحتاج إليها نيوزيلندا منذ سنين من أجل كرة القدم.. فنيوزيلندا من الدول القليلة في العالم التي لم تقع في غرامها كرة القدم.. وظلت نيوزيلندا منذ أولى مبارياتها في 1922 تحاول إغواء وإغراء كرة القدم دون جدوى.. وبعد مشاوير طويلة وجهود كثيرة.. فازت نيوزيلندا أخيرا في 1973 ببطولة أوقيانوسيا.. ثم تأهلت لنهائيات كأس العالم لأول مرة 1982 والمرة الثانية والأخيرة في 2010.. ورغم محاولات نيوزيلندا لفتح قلبها وأبوابها لكرة القدم.. بقى الرجبى لعبتها الأولى التي فازت فيها بكأس العالم ثلاث مرات.. ومع الرجبى كان الكريكيت والاسكواش والتجديف وألعاب القوى وكرة السلة والفروسية.. ولا بد من تأكيد أن نيوزيلندا ليست من الدول المهمشة رياضيا، فقد فازت بـ 143 ميدالية أوليمبية منها 55 ميدالية ذهبية.. لكن المشكلة أن أهلها لم يقعوا في غرام كرة القدم أو أن اللعبة نفسها هي التي لم تحب نيوزيلندا.. ومن بين محاولات كثيرة لنشر كرة القدم في نيوزيلندا كانت مسابقة كبرى نظمها اتحاد الكرة مع شركة ماكدونالد، والجوائز كانت السفر لحضور بعض مباريات مونديالى البرازيل 2014 وروسيا 2018..

وفى وسط هذه الأجواء لم يكن متوقعا أن يأتى يوم تستضيف فيه نيوزيلندا كأس العالم لكرة القدم، حتى وإن كانت استضافة بمشاركة أستراليا، وأنه كأس عالم للسيدات وليس للرجال.. وقد بدأت نساء نيوزيلندا لعب الكرة منذ 1957 وتأهلن 6 مرات لكأس العالم.. وبالفعل بدأت البطولة في 20 يوليو الحالى بمباراة لنيوزيلندا أمام النرويج، إحدى 4 دول سبق لها الفوز بالكأس، في استاد إيدن بارك في مدينة أوكلاند.. وشاهد المباراة عبر التليفزيون مليون امرأة ورجل نيوزيلندى في رقم قياسى تشهده البلاد لأول مرة.. واكتملت الحكاية بفوز مفاجئ لنيوزيلندا بهدف نظيف.. وغير 20 ألف تذكرة لمباريات البطولة قام الفيفا بتوزيعها مجانا كدعاية وتسويق للبطولة.. كان هناك من بدأوا شراء التذاكر بقصد الفرجة والمغامرة، أو احترام بطولة كروية تقام في بلادهم لأول مرة.. منهم كانت ماريا التي لا تحب أسرتها كرة القدم أو تتابعها، لكنها قررت شراء تذاكر لمباراة إيطاليا والأرجنتين كهدية لابنها بوسطن الوحيد الذي يحب الكرة بمناسبة عيد ميلاده.. وبإحدى هذه التذاكر اكتمل رقم مليون ونصف مليون تذكرة بيعت حتى الآن في البطولة.. ورأى الفيفا ذلك حدثا دراميا كرويا يستحق الاهتمام والاحتفال.. وبالتالى كان إنفانتينو رئيس الفيفا يستقبل بنفسه هذه الأسرة في استاد إيدن بارك قبل المباراة، وقدم لهم هدية الفيفا وكانت بطاقات مجانية لحضور المباريات الست الباقية في هذا الاستاد.. ولم تتوقع ماريا كل الذي جرى والتحول الذي أحال الأسرة كلها إلى عشاق لكرة القدم.. وفى مقابل اهتمام الفيفا.. لم ير إعلام نيوزيلندا ذلك حدثا يستحق التوقف والاهتمام.
نقلا عن المصرى اليوم