كتب - محرر الاقباط متحدون
قال الكاتب الليبرالي والباحث سامح عسكر :" البعض يظن أن المرأة'>حقوق المرأة تؤخذ فقط بالأخلاق والعقل، وهذا غير صحيح، مصطلح المرأة'>حقوق المرأة ظهر رفيقا لمصطلح آخر وهو (المرأة العاملة) في القرن 19م فتنبهت النساء أن حقوقهن ارتبطت أساسا بالعمل، فالمرأة العاملة لها حقوق مساوية للذكر لخضوع الطرفين لمعادلة واحدة هي (المشاركة في متطلبات الحياة)، وفيما يلي نص منشوره على فيسبوك :

قديما لم يكن هذا موجود..فالذكر وحده هو الذي يعمل ويحارب أما المرأة فوظيفتها المنزل والأطفال، وهذا جعل منها خادمة وأداة جنسية للذكر أكثر من كونها امرأة لها كيان يتساوى مع الرجال في كل شئ، ولا تستغرب إذ علمت بأن أعظم عقول وفلاسفة البشرية منذ سقراط في القرن 5 ق. م حتى القرن 19م كان موقفهم واحدا من الأنثى وهو (العنصرية والاحتقار)

وهنا يسأل سائل: كيف صبرت الأنثى طيلة هذه الفترة حتى نالت حقوقها؟

والجواب: للأمر بعد سيكولوجي..فالإنسان الضعيف دائما يعيش الصورة التي يراه بها الآخر، وفور اكتشاف بواطن قوته ومواطن شدته وبأسه يتخلص فورا من تلك الصورة ويثور ويتمرد..وهذا تفسير لكيفية اندلاع الثورات، فالحاكم عندما يزدري ويحتقر شعبه ويُثقله بكل ما لا يتحمل تعيش الأمة الضعيفة هذه الصورة فعلا ولا تفارقها حتى إذا خرج من بينهم عظيما يُعطيهم الثقة والقوة يرفضون أولا تلك الصورة عنهم بداخلهم، ثم يتطور الوضع لإثبات عكسها ضد الحاكم الظالم.

هذا ما حدث للأنثى

عندما كانت لا تعمل (كانت ضعيفة) والحجة إن الذكر هو من ينفق ويبذل الجهد ، فليس من العدل أن نساوي القاعد مع العامل..أي كان اضطهاد المرأة في القرون الوسطى واحتقارها لم يكن أصلا خارقا للعدالة والأخلاق..بالعكس..فكرة تفوق الذكر كانت أخلاقية وعقلية محضة ولم يصل مستوى الإنسان لإدراك خلاف ذلك.

التحول بدأ من القرن 19 في الثورة الصناعية وحاجة الأثرياء للعمال فاضطروا لتشغيل النساء، ولأن هذا القرن كان مليئا بالحروب الكبيرة التي قتل فيها (ملايين الذكور) اشتدت الحاجة للنساء فاضطرت رؤوس الأموال لترضيتهن بأجور مرتفعة..ومن هنا كانت اللبنة الأولى لما يعرف لاحقا (ب المرأة'>حقوق المرأة) التي ظلت تناضل لنيلها كاملة غير منقوصة، فبدأت بإسقاط ولاية الذكر، ثم حق المساواة في الأجور والتعليم والعمل والفرص..ثم الانتخاب والحُكم.


أي أن الذي جاء ب المرأة'>حقوق المرأة ..هي المرأة نفسها، وكلما تعززت الحاجة للنساء في العمل كلما ارتفعت مطالبهن بحقوق أخرى، والدليل أن الثورة الحقوقية الكبرى للنساء بدأت فعليا بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، ومقتل أكثر من 100 مليون ضحية معظمهم ذكور، ثم ظهور ميثاق حقوق الإنسان العالمي وشدة الحاجة الدولية للإناث في قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة والإدارة..هنا فرضت المرأة نفسها بحكم نشاطها فنجحت وصارت عشرات الدول يحكمها نساء عادي..وجميع دول العالم صارت تعين وزيرات ونائبات بعدما ظلت تلك المناصب حكرا للذكور طوال آلاف السنين..

نأتي بقى للشيوخ فهم لديهم علم جزئي بتلك الأسباب التي جعلت العالم يعترف بالمرأة، فجعلوا أولى مطالبهم تتمثل في ثلاثة مطالب:

1- ممنوع الاختلاط..ليعزلوا الأنثى مرة أخرى عن كل مظاهر المجتمع الحديث
2- ممنوع تشغيل المرأة فوظيفتها البيت والأطفال..لتعود المرأة كما كانت مجرد كائن طُفيلي يحتقروه آناء الليل وأطراف النهار..
3-  ممنوع ولاية المرأة على الرجل..لتعود سيطرة الذكر مرة أخرى كما كانت منذ العصر الحجري حتى القرن 19م

قصة الحجاب والنقاب ليست هي الأساس، فالرجل بطبعه شهواني يريد للمرأة أن تتحرر، ولكن هذه الأزياء متسقة تماما مع الطلبات الثلاثة عاليه، فالحجاب والنقاب يساعدهم على منع الاختلاط وعدم تشغيل المرأة واستحالة ولايتها على الرجل..فلا يوجد ذكر سيولي عليه امرأة لا يعرفها أو أن يسمح بتشغيل أنثى يعلم تماما أن هذه الأزياء تعيقها عن العمل، ولو أدرك أحد منكم طبيعة حياة الفلاحين في أراضيهم سيجد أن النساء العاملات الزراعيات بحكم العمل الشاق في الزراعة والحصاد (متحررين في الملبس) سوى من قطعة قماش صغيرة بالكاد تغطي رؤوسهن..

المرأة عندما عملت وارتفعت مطالبها بالحقوق والفرص ارتفع وعيها وفطنت لحقوق ضائعة مهدرة منها (حرية الملابس) فقضية الحجاب نشأت في هذا الجوّ، أنه وطالما العدالة هي المساواه بين الجنسين فالعدالة لا تتجزأ وينبغي على الذكر أن يستتر هو الآخر حفظا لحقوق الأنثى..وهنا كانت الضربة القاصمة التي أثارت المتشددين الذكور وحفزتهم على الثورة على تلك الأفكار الجديدة، ولمن لا يعلم فكتابات "قاسم أمين" ظهرت في تلك الأجواء أنها كانت تأييدا فقط من جانب حقوقي عقلاني لدعوات النساء..ليس لكونها مقبولة من الشرع ولكن لأنها مقبولة من العقل والمنطق والعلم..وهنا كانت البذرة الأولى للصدام بين الشرع والعقل والعلم في مجتمعات المسلمين..

وإلى هنا تصدق رؤى الماديين الذين رأوا أن الحياة تتغير بتغير المادة، وذكاء الإنسان وأخلاقه يتطوران بتطور المواد..لا العكس، ف المرأة'>حقوق المرأة لم توهب ولم توجد بتنظير عقلاني أو ضمير أخلاقي...أبسلوتلي..إطلاقا، فأعظم عقلاء البشر قديما كانوا يرون المراة كائن طفيلي لا حقوق له البتة، لكن الرؤية تغيرت لتقنع ذوي العقول البسيطة في القرن 21 فقط بمجرد عمل المرأة

طب ماذا يعني ذلك؟

يعني أن كل الذكوريين وأعداء المرأة لن ينجحوا وسيظلوا في مؤخرة الجدول ما دامت النساء يتصدرن الدول كحكام والشركات والمزارع كعاملات والصحف والإعلام كمفكرات لهن رأي معتبر، والأحزاب كعناصر لهن وزن اجتماعي..وسيظل المتطرفين والذكوريين ومن على شاكلتهم يصرخون دون أي تأثير على مجرى الحياة، فالثابت أن مسار الحياة الإنساني يتطور نحو العقل والعلم والمساواة والحقوق..لا العكس،

صحيح أن العالم يدفع ضريبة ذلك التطور وما من أمة متخلفة إلا وتُضحي جراء الانتقال، لكنها ضريبة أشبه بوقود القطار يجب أن يحترق ليسير فوق قضبانه ، فالقطار هو الحياة المتطورة باستمرار، ومن يحاول وقف القطار يدهسه..