ياسر أيوب
لم يكن ما جرى في ميلانو الخميس الماضى مفاجئًا لكثير من الأوروبيين والأمريكيين ومسؤوليهم الرياضيين وإعلامهم.. لكنه بالتأكيد يفاجئ الذين لا يزالون يتحدثون بصوت زاعق عن الميثاق الأوليمبى والفصل التام بين الرياضة والسياسة.. فقد استضافت ميلانو بطولة العالم للسلاح، إحدى البطولات المؤهلة لدورة باريس الأوليمبية العام المقبل.. وشهدت البطولة مواجهة بين البطلة الأوكرانية أولجا كارلان والبطلة الروسية آنا سميرنوفا التي تصغر أولجا بعشر سنوات.. وكان من المفترض أن تقف اللاعبتان في وسط الملعب بعد انتهاء المباراة وتتصافحان وفقا لقواعد لعبة السلاح ودستورها الأخلاقى.. وبالفعل وقفت الروسية آنا ومدت يدها لتصافح الأوكرانية أولجا التي رفضت أن تمد يدها.. وغادرت أولجا الملعب، بينما ظلت آنا في الملعب 45 دقيقة احتجاجا على هذا السلوك غير الرياضى، وعلى الفور قررت اللجنة المنظمة تطبيق قانون الاتحاد الدولى للسلاح واعتبار أولجا خارج البطولة كلها وعدم السماح لها باللعب مع منتخب بلادها في بطولة الفرق وحرمانها من أي نقاط.. وكان ذلك يعنى ألا تشارك أولجا في دورة باريس.. وما إن علمت أولجا بهذا القرار حتى انفجرت في البكاء والصراخ، خاصة أن اليونانى إيمانويل كاتسياداكيس رئيس الاتحاد الدولى للسلاح أبلغها بصورة ودية الليلة السابقة للمباراة أنه بإمكانها ألا تصافح اللاعبة الروسية بعد انتهاء اللعب وأيا كانت النتيجة.. وبعدما عرف الجميع بقرار استبعاد اللاعبة الأوكرانية تطبيقا للقانون.. خاصة أن المشهد كان أمام الجميع وكاميرات الصحافة والتليفزيون أيضا..
جاءت في اليوم التالى رسالة من توماس باخ رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية موجهة للاعبة الأوكرانية أولجا.. وأكد باخ في تلك الرسالة أن اللجنة الأوليمبية الدولية ستمنح أولجا استثناء من أي قواعد وستضمن لها المشاركة في دورة باريس الأوليمبية أيا كانت نتائجها في البطولات المقبلة.. وقال باخ أيضا إنه يتفهم تماما دوافعها ومشاعرها نتيجة الحرب الروسية ضد بلادها ويتعاطف معها ومع كل لاعبات ولاعبى أوكرانيا، وهم مضطرون للعب، رغم معاناة بلدهم وشعبهم.. ولم يكن ما كتبه توماس باخ مجرد رسالة تضامن مع لاعبة مارست سلوكا لا تقبله الرياضة وقوانينها وأخلاقها.. ولم يكن أيضا كما أشرت أمرا مفاجئا للغرب الذي لم يقتنع يوما بحكاية الفصل بين الرياضة والسياسة.. لكنه كان صدمة قاسية لكثيرين جدا فوجئوا بأنه من السهل كسر أي قانون رياضى من أجل السياسة.. وأن الذي قام بذلك هو رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية نفسه الذي من المفترض أول من يدافع عن الميثاق الأوليمبى وعن قواعد وقوانين لعبة السلاح نفسها باعتبار توماس باخ أصلا كان لاعب سلاح للمنتخب الألمانى.. وفى أي بطولة مقبلة.. إذا رفضت لاعبة أو لاعب عربى على سبيل المثال مصافحة لاعبة أو لاعب إسرائيلى.. ستجد باخ نفسه أول من يثور ويعاقب هؤلاء دفاعا عن الميثاق الأوليمبى.
نقلا عن المصرى اليوم