ياسر أيوب
حين استضافه معتز الدمرداش فى حوار تليفزيونى منذ أيام .. تحدث النجم محمد هنيدى عن حلمه بتقديم فيلم عن إمبابة يكتبه بنفسه ويقوم بتصويره هناك .. وقال إن إمبابة بالنسبة إليه ليست مجرد مكان نشأ فيه وبدأ مشواره مع الحياة والفن لكنه تعلم كل شىء فى إمبابة ومن أهل إمبابة .. واليوم أقدم لهنيدى وللرياضة المصرية أيضا حكاية تصلح أن تكون فيلمه الجديد مثلما تستحق أن يتوقف أمامها كثيرون بكل الحب والاحترام .. حكاية بطلها جلال الجندى .. رجل فى الرابعة والخمسين من عمره ومولود فى إمبابة ولا يزال يعيش هناك .. مارس الملاكمة ولعب لنادى طلعت حرب ثم الترسانة وتم اختياره لمنتخب مصر وفاز بفضية بطولة العالم للشباب وأصبح بعدها خامس العالم للكبار وظل بطلا لمصر عشر سنوات وفاز بكثير من بطولات أوروبا .. ورغم حياته المستقرة ووظيفته فى مصر للطيران وسعادته بأولاده الثلاثة ..
 
كان يؤلمه كإنسان وأب وبطل رياضى أيضا رؤية الصغار فى إمبابة معظمهم لا يجدون أى فرصة للحصول على حق اللعب وبهجته وبعضهم يتسرب من التعليم .. فقرر أن ينفق المبلغ القليل الذى ادخره بعدسنين عمل طويلة ليؤسس أكاديمية لصغار إمبابة .. واختار جلال مائة بنت وولد تتراوح أعمارهم من 9 إلى 20 سنة وقام بالكشف الطبى عليهم على نفقته الخاصة وبدأ تدريبهم فى نادى النصر فى الكيت كات سواء على الملاكمة أو أى لعبة أخرى يختارها أحدهم ..
 
واشترى بنفسه ثياب الرياضية لمن لا تملك عائلاتهم المال .. ولم يكن جلال يؤسس مشروعا رياضيا تجاريا بقصد الربح وجمع المال .. فكل ذلك يجرى بالمجان ولا يدفع الصغار وعائلاتهم أى مقابل .. وقبل أن يفكر أى أحد فى اتهام جلال بالجنون عليه أن ينتظر ليعرف أولا أن جلال لم يكتف بالتدريبات الرياضية إنما اشترى الكتب والمجلات المستعملة ليقرأها هؤلاء الصغار .. ويحاول ويحرص على اصطحابهم لزيارة أماكن تاريخية وأثرية فى القاهرة .. ويطيل الحديث معهم بين التمارين عن الوطن والانتماء لأهل وبيت وأرض .. وبدأت بالفعل تتغير حياة وأفكار وأحلام هؤلاء الصغار ..
 
ولست أتحدث عن فيلم سينما مصنوع من خيال لا علاقة له بواقع حقيقى بكل ما فيه من قسوة وعنف ومحاولات دائمة لنشر الكراهية والأذى .. إنما أنقل حكاية واقعية وحقيقية وجميلة أيضا بدأت تعرفها وتعيشها شوارع إمبابة وبيوتها .. وأكتب عن رجل أبدا لن أتهمه بالجنون لكننى سأقدم له الشكر والامتنان والاحترام .. فهو لم يكن مضطرا لكل ما قام به .. لم يكن مضطرا لأن ينفق مدخراته لتعليم وتثقيف وتدريب صغار المنطقة التى يعيش فيها .. أو لكل هذا الجهد والمعاناة ليجمع هؤلاء الصغار ويرعاهم ويراهن على أن يقدم منهم قريبا بطلات وأبطالا لمصر فى الملاكمة أو أى لعبة أخرى .. أو أن يخوض حربا ضد التطرف ويجمع الصغار دون فارق فى الاهتمام والمعاملة بين غنى وفقير أو مسلم ومسيحى .. وأتمنى أن يلتفت وزير الشباب والرياضة لهذا الرجل وهذا المشروع
نقلا عن المصرى اليوم